فرع: إذا فرض وجود جماعة صالحين كما ذكر ما يكون فرض الأمة في حقهم، ومن يتعين للقيام بأعباء الأمة منهم، أما معتبروا الدعوة فالعبرة عندهم لمن دعا منهم وترشح لذلك.
فأما معتبروا العقد فمن أرسل الله تعالى العاقدين إليه، ونصبوه كان المعول عليه كما ذكر آنفا، لكن قال الشيخان أبو علي، وأبو هاشم: لا يعمدوا إلى واحد فيختاروه بل يقرع بينهم حيث كانوا مستوين في الخصال المعتبرة، وقال بعض المعتزلة: بل يكون الهاشمي أولى من سائر بطون قريش حيث كان الصالحون لهذا الأمر هاشميا وغيره.
وقال ضرار بن عمر: بل العجمي أولى من العربي، والذليل من العزيز ليكون عزله إذا أحدث ما لا يرضاه المسلمون أيسر وأسهل، ولا تعويل على ما ذكره، لأنه بنى على قاعدة منهارة وهو صلاحية الإمامة في الناس عموما، ولأن الذي يحدثه الإمام إذا كان فسقا انعزل بذلك وبطلت ولايته من دون عزل عازل فتخلفهم عنه كاف وليس يعتبر العزل عن التولية في الإمام كالحاكم.
هكذا في (الغايات) وعندي أن الاحتجاج على ضرار بما ذكره لا يطابق مراد(ه) بما ذكره، لأن قصده إمكان عزله، وسهولة خلعه عن مرتبته، وتقطيع علائقه، لا نفس بطلان إمامته.
لكن قوله غني عن الإبطال، ولا ينبغي فيه توسيع المقال، ولو كان علته العليلة كما ذكره لاقتضت أن يجعل الإمام من أطراف الناس وأدنيائهم، لأن إبطال أمره وقت الحاجة إليه أيسر هذا ما لا ينبغي أن يقول به مميز. والله أعلم.
صفحة ٨٠