العناية شرح الهداية

البابرتي ت. 786 هجري
87

العناية شرح الهداية

الناشر

شركة مكتبة ومطبعة مصفى البابي الحلبي وأولاده بمصر وصَوّرتها دار الفكر

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٣٨٩ هـ = ١٩٧٠ م

مكان النشر

لبنان

وَالْجُنُبُ إذَا انْغَمَسَ فِي الْبِئْرِ لِطَلَبِ الدَّلْوِ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ﵀ الرَّجُلُ بِحَالِهِ لِعَدَمِ الصَّبِّ وَهُوَ شَرْطٌ عِنْدَهُ لِإِسْقَاطِ الْفَرْضِ وَالْمَاءُ بِحَالِهِ لِعَدَمِ الْأَمْرَيْنِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ ﵀ كِلَاهُمَا طَاهِرَانِ: الرَّجُلُ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الصَّبِّ، وَالْمَاءُ لِعَدَمِ نِيَّةِ الْقُرْبَةِ. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀: كِلَاهُمَا نَجِسَانِ: الْمَاءُ لِإِسْقَاطِ الْفَرْضِ عَنْ الْبَعْضِ بِأَوَّلِ الْمُلَاقَاةِ وَالرَّجُلُ لِبَقَاءِ الْحَدَثِ فِي بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ. ــ [العناية] الْأَقْوَالِ لِلْفَتْوَى أَنَّهُ طَاهِرٌ غَيْرُ طَهُورٍ. قَالَ (وَالْجُنُبُ إذَا انْغَمَسَ فِي الْبِئْرِ) جُنُبٌ لَيْسَ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ انْغَمَسَ لِطَلَبِ الدَّلْوِ لَمْ يَطْهُرْ وَلَمْ يَنْجَسْ الْمَاءُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَطَهُرَ الرَّجُلُ وَلَمْ يَنْجَسْ الْمَاءُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَلَمْ يَطْهُرْ وَنَجِسَ الْمَاءُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ (لِطَلَبِ الدَّلْوِ)؛ لِأَنَّهُ لَوْ انْغَمَسَ فِي الْبِئْرِ لِلِاغْتِسَالِ لِلصَّلَاةِ فَسَدَ الْمَاءُ عِنْدَ الْكُلِّ. لِأَبِي يُوسُفَ فِي بَقَاءِ الرَّجُلِ نَجِسًا أَنَّ الصَّبَّ عِنْدَهُ شَرْطٌ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ يَقْتَضِي التَّطْهِيرَ بِالْغُسْلِ لِتَنَجُّسِ الْمَاءِ بِأَوَّلِ الْمُلَاقَاةِ، وَإِنَّمَا حَصَلَ ضَرُورَةَ خُرُوجِ الْمُكَلَّفِ عَنْ الْأَمْرِ بِالتَّطْهِيرِ، وَالْمَاءُ الْجَارِي أَقْرَبُ إلَى ذَلِكَ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهِ وَالصَّبُّ بِمَنْزِلَتِهِ فَيُشْتَرَطُ تَحْصِيلًا لِلْمَأْمُورِ بِهِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، وَهَذَا الشَّرْطُ لَمْ يُوجَدْ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ، وَانْتِفَاؤُهُ يَسْتَلْزِمُ انْتِفَاءَ الْمَشْرُوطِ، وَفِي بَقَاءِ الْمَاءِ طَاهِرًا أَنَّ سَبَبَ اسْتِعْمَالِهِ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ إسْقَاطُ الْفَرْضِ، وَنِيَّةُ الْقُرْبَةِ كَمَا تَقَدَّمَ لَا سَبَبَ لَهُ غَيْرُهُمَا، وَقَدْ انْتَفَيَا جَمِيعًا فَيَنْتَفِي الْحُكْمُ. فَإِنْ قِيلَ انْتِفَاءُ إسْقَاطِ الْفَرْضِ مَمْنُوعٌ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عِنْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ فَقَدْ سَقَطَ فَيَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا لِكَوْنِهِ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ أُجِيبَ بِأَنَّهُ تَرَكَ أَصْلَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ضَرُورَةَ الْحَاجَةِ إلَى طَلَبِ الدَّلْوِ، فَلَوْ سَقَطَ الْفَرْضُ تَنَجَّسَ الْمَاءُ وَفَسَدَ الْبِئْرُ وَفِيهِ ضَرَرٌ لَا يَخْفَى. وَلِمُحَمَّدٍ فِي طَهَارَةِ الرَّجُلِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الصَّبِّ، فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ شَرْطًا لَا يَسْتَلْزِمُ انْتِفَاؤُهُ انْتِفَاءَ الْحُكْمِ، وَفِي طَهَارَةِ الْمَاءِ عَدَمُ نِيَّةِ التَّقَرُّبِ، فَإِنَّ السَّبَبَ عِنْدَهُ لَيْسَ إلَّا إقَامَةَ الْقُرْبَةِ بِالنِّيَّةِ وَلَمْ تُوجَدْ، وَكَانَ هَذَا السَّبَبُ مُتَعَيِّنًا كَالسَّبَبِ فِي وَلَدِ الْغَصْبِ فَيَنْتَفِي الْحُكْمُ بِانْتِفَائِهِ.

1 / 91