184

العناية شرح الهداية

الناشر

شركة مكتبة ومطبعة مصفى البابي الحلبي وأولاده بمصر وصَوّرتها دار الفكر

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٣٨٩ هجري

مكان النشر

لبنان

لِأَنَّ تَقَدُّمَ الْوَلَدِ عُلِمَ الْخُرُوجُ مِنْ الرَّحِمِ فَأَغْنَى عَنْ امْتِدَادٍ جُعِلَ عِلْمًا عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْحَيْضِ
(وَأَكْثَرُهُ أَرْبَعُونَ يَوْمًا وَالزَّائِدُ عَلَيْهِ اسْتِحَاضَةٌ) لِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ ﵂ أَنَّ «النَّبِيَّ ﵊ وَقَّتَ لِلنُّفَسَاءِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا»،
ــ
[العناية]
يَوْمًا، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ بِأَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ بِسَاعَةٍ، وَهَذَا كَمَا تَرَى يَقْتَضِي وُجُودَ الدَّمِ، فَإِنْ وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ دَمًا فَهِيَ نُفَسَاءُ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، ثُمَّ رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ وَقَالَ: هِيَ طَاهِرَةٌ، وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ، فَأَمَّا الْوُضُوءُ فَوَاجِبٌ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَأَكْثَرُ الْمَشَايِخِ أَخَذُوا بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَبَعْضُهُمْ أَخَذَ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ النِّفَاسَ هُوَ الدَّمُ الْخَارِجُ عَقِيبَ الْوِلَادَةِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا نِفَاسٌ كَيْفَ تَكُونُ نُفَسَاءَ، وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ أَحْوَطُ (وَإِنَّمَا لَمْ يُقَدِّرُوا أَقَلَّهُ بِحَدٍّ؛ لِأَنَّ تَقَدُّمَ الْوَلَدِ عُلِمَ الْخُرُوجُ مِنْ الرَّحِمِ فَأَغْنَى عَنْ امْتِدَادٍ جُعِلَ عَلَمًا عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْحَيْضِ) فَإِنَّهُ اُشْتُرِطَ فِيهِ امْتِدَادُ الدَّمِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِيُعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ الدَّمَ مِنْ الرَّحِمِ أَوْ لَا إذْ لَا دَلِيلَ عَلَى كَوْنِهِ مِنْ الرَّحِمِ، وَفِي النِّفَاسِ قَدْ عُلِمَ ذَلِكَ بِانْفِتَاحِ فَمِ الرَّحِمِ بِخُرُوجِ الْوَلَدِ.
وَقَوْلُهُ: (وَأَكْثَرُهُ أَرْبَعُونَ يَوْمًا) ظَاهِرٌ، وَمَذْهَبُنَا مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَأُمِّ حَبِيبَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ ﵃، وَمِثْلُهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا سَمَاعًا، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْمَعْقُولِ؛ لِأَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ أَكْثَرَ مُدَّةِ النِّفَاسِ أَرْبَعَةُ أَمْثَالِ أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَيْضِ،

1 / 188