145

العناية شرح الهداية

الناشر

شركة مكتبة ومطبعة مصفى البابي الحلبي وأولاده بمصر وصَوّرتها دار الفكر

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٣٨٩ هـ = ١٩٧٠ م

مكان النشر

لبنان

ثُمَّ الْمَسْحُ عَلَى الظَّاهِرِ حَتْمٌ حَتَّى لَا يَجُوزَ عَلَى بَاطِنِ الْخُفِّ وَعَقِبِهِ وَسَاقِهِ لِأَنَّهُ مَعْدُولٌ بِهِ عَنْ الْقِيَاسِ فَيُرَاعَى فِيهِ جَمِيعُ مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ، وَالْبُدَاءَةُ مِنْ الْأَصَابِعِ اسْتِحْبَابٌ اعْتِبَارًا بِالْأَصْلِ وَهُوَ الْغَسْلُ (وَفَرْضُ ذَلِكَ مِقْدَارُ ثَلَاثِ أَصَابِعِ مِنْ أَصَابِعِ الْيَدِ) وَقَالَ الْكَرْخِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: مِنْ أَصَابِعِ الرِّجْلِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ اعْتِبَارًا لِآلَةِ الْمَسْحِ. ــ [العناية] وَالتِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِمَا، وَإِنْ صَحَّ فَمَعْنَاهُ مَا يَلِي السَّاقَ وَمَا يَلِي الْأَصَابِعَ تَوْفِيقًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ (ثُمَّ الْمَسْحُ عَلَى الظَّاهِرِ حَتْمٌ) أَيْ وَاجِبٌ (حَتَّى لَا يَجُوزَ لَهُ عَلَى بَاطِنِ الْخُفِّ وَعَقِبِهِ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي قَوْلٍ. وَقَوْلُهُ: (؛ لِأَنَّهُ مَعْدُولٌ بِهِ عَنْ الْقِيَاسِ) إذْ الْقِيَاسُ أَلَّا يَقُومَ الْمَسْحُ الَّذِي لَا يُزِيلُ النَّجَاسَةَ مَقَامَ الْغَسْلِ الَّذِي يُزِيلُهَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِقَوْلِهِ: لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرَّأْيِ لَكَانَ بَاطِنُ الْخُفِّ أَوْلَى بِالْمَسْحِ مِنْ ظَاهِرِهِ، وَلَكِنِّي رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَمْسَحُ عَلَى ظَاهِرِ الْخُفَّيْنِ دُونَ بَاطِنِهِمَا. وَإِنَّمَا كَانَ الرَّأْيُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْخُفَّ يُلَاقِي الْأَرْضَ بِمَا عَلَيْهَا مِنْ طِينٍ وَتُرَابٍ وَقَذَرٍ بِبَاطِنِهِ لَا بِظَاهِرِهِ، وَإِذَا كَانَ مَعْدُولًا بِهِ عَنْ الْقِيَاسِ يُرَاعَى جَمِيعُ مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ (وَالْبُدَاءَةُ مِنْ الْأَصَابِعِ اسْتِحْبَابٌ) حَتَّى لَوْ بَدَأَ مِنْ السَّاقِ جَازَ أَيْضًا. وَوَجْهُ الِاسْتِحْبَابِ الِاعْتِبَارُ بِالْغَسْلِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الْكَعْبَ غَايَةً. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: الشَّرْعُ وَرَدَ بِمَدِّ الْيَدَيْنِ مِنْ الْأَصَابِعِ إلَى أَعْلَاهُمَا فَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ تَكُونَ الْبُدَاءَةُ بِالْأَصَابِعِ حَتْمًا لَا مُسْتَحَبًّا كَالْمَسْحِ عَلَى ظَاهِرِهِمَا، فَالِاعْتِبَارُ بِالْأَصْلِ تَرْكٌ لِمَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ، وَكَذَلِكَ التَّقْدِيرُ بِثَلَاثَةِ أَصَابِعَ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ تَرْكٌ لَهُ «فَإِنَّهُ ﵊ مَدَّ مِنْ الْأَصَابِعِ إلَى السَّاقِ» . وَالْجَوَابُ مَا رُوِيَ «أَنَّهُ ﵊ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ» مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ مَدَّ إلَى السَّاقِ فَجُعِلَ الْمَفْرُوضُ فِي أَصْلِ الْمَسْحِ مِقْدَارَ ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ

1 / 149