[معرفة الأخبار ووسائطها]
حكى عن صاحب الرسالة ما لفظه: (معرفة الأخبار مبنية على عدالة الرواة ومعرفة عدالتهم في هذا الزمان مع كثرة الوسائط كالمتعذرة، ذكر هذا كثير من العلماء، ومنهم الغزالي، والرازي، وإذا كان ذلك في زمانهم فهو في زماننا أصعب، وعلى طالبه أتعب؛ لازدياد الوسائط كثرة، والعلوم دروسا وفترة.
فإن قيل: نحن نقول بما قال الغزالي: إنا نكتفي بتعديل أئمة الحديث كأحمد بن محمد بن حنبل، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وعلي بن المديني، ويحيى بن معين، ومحمد بن إسماعيل البخاري، فإن هؤلاء قد تكلموا في الرواة وبينوا العدل ممن سواه.
قلنا: هذا لا يصح لوجوه:
أحدها: أنا إذا قلنا بتعديلهم فيمن كان متقدما فما يكون فيمن بعدهم من الرواة، فإن اتصال رواية الحديث من وقتنا إلى مصنفي الكتب الصحاح كالبخاري ومسلم على وجه الصحة متعسر ومتعذر لأجل العدالة). ا ه. ما حكى عنه.
[ابن الوزير] وجوابه تضمن وجوها: أحدها: قوله: طلب الحديث ومعرفته شرط في الاجتهاد، والاجتهاد فرض واجب على الأمة بلا خلاف ..إلى قوله: فإذا ثبت أنه فرض لزم أنه من الدين، وإذا لزم أنه من الدين لزم أنه غير متعسر ولا متعذر.. إلى آخر كلامه.
[المؤلف] أقول: إلزامه بما ذكر غير لازم؛ لكون المترسل لم يسد باب الاجتهاد لوجوه:
أحدها: إذا كان مذهبه عدم قبول الآحاد فكم في السنة من طريقة متواترة أو مشهورة أو متلقاة بالقبول أو عضد متنها موافقة آية قرآنية أو قياس منصوص على علته أو غير ذلك مما يوجب الاحتجاج بالمتن من المرجحات.
صفحة ٣٥