العلم الواصم في الرد على هفوات الروض الباسم
تصانيف
وروي أن رجلا تلا قوله تعالى: {فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات}[البقرة:209]، فجعل موضع: { فاعلموا أن الله عزيز حكيم}[البقرة:209] {فاعلموا أن الله غفور رحيم}[المائدة:34] فسمعه أعرابي لم يقرأ القرآن فأنكره وقال: إن كان هذا كلام حكيم فلا يقول كذا الحكيم لا يذكر الغفران عند الزلل لأنه إغراء عليه. ا ه.
فيمكن الجمع بأن العقل يحسنه في صورة لا يكون فيها إغراء. والله أعلم.
وأما العمومات فاعلم أن في الموضوعات اللغوية الوارد بها الكتاب والسنة ألفاظ موضوعة للعموم حقيقة وذلك كأسماء الشرط والاستفهام والموصولات و(كل) ونحوها.
والدليل على ذلك التبادر عند الإطلاق، فإنه إذا قيل: لا تقرب أحدا ولا تشتم رجلا فهم العموم من ذات الصيغة قطعا، والتبادر دليل الحقيقة، وما كان كذلك فدلالته قطعية؛ لأجل التبادر سواء كان ذلك في العلمي أو في العملي ولا يخرج عن دلالته المذكورة لغير مغير إلا أنه لما وجد المغير في العملي وهو كثرة التخصيص في أكثر عموماته ضعفت تلك الدلالة وصارت ظنية وبقي العلمي على الأصل؛ إذ لم يحصل فيه ما يقتضي الخروج عن الأصل فلا بد أن يكون دلالة مخصصة قطعية مثله؛ إذ القلة لا تقدح في الأصل مع أن العام العملي إذا اشتد البحث عن مخصصه وحصل العلم بعدمه كانت دلالته قطعية على الأصل يزيد ذلك وضوحا أنا نقطع أن العلماء لم يزالوا يستدلون بهذه الصيغ على وجه العموم نحو: {والسارق والسارقة}[المائدة:38]، و{الزانية والزاني}[النور:2]، {يوصيكم الله في أولادكم}[النساء:11] ونحو ذلك بلا نكير.
قال السعد فيما أورد على ذلك من التشكيكات: إنه عناد؛ لأنا نقطع أن العموم في مثل: لا تضرب أحدا، إنما يفهم من الصيغة. ا ه.
صفحة ١٣٩