إذن الإنسان مسؤول عن تصرفاته وأفعاله المنفصلة كل واحد منها على حدة، ولكنه غير مسئول عن مجمل حياته ومصيرها؛ لأنه لا يقدر أن يسيطر إلا على حلقات أفعاله منفصلة، وأما سلسلتها المتصلة فلا يقدر أن يسيطر عليها، وإلا لكان كل فرد يصعد في سلم النجاح إلى القمة آمنا السقوط.
تصح هذه النظرية على اعتبار أن الإنسان سليم العقل والجسد، بحيث تتيسر له قوة الحكم، ويتسنى له التمتع بنعمة الحرية، ولكن هناك أفرادا شاذين أعلاء العقل والأخلاق لا يستطيعون الحكم، ولا يحسنون الاختيار، ولا يقدرون أن يروضوا غرائزهم ويقمعوا شهواتهم، ولا تسنت لهم عوامل لتهذيب أخلاقهم وتدميثها، فهؤلاء مسئوليتهم قليلة، والقوانين التي تساوي بينهم وبين أصحاب العقول والأخلاق تجور عليهم.
الباب الثالث
الحياة الأدبية
الفصل الأول
معنى الحياة الأدبية
(1) غاية الحياة القصوى
ما هي الحياة؟ ولماذا نحيا؟ ما الغرض الأقصى من حياتنا؟
لا ننظر إلى الحياة في تحليلها من الوجهة البيولوجية بل من الوجهة الأدبية. (1-1) غرض الحياة
إذا قلنا: إن الغرض من الحياة التمتع بالملذات، وجدنا كثيرا من الملذات تجني على الحياة فتقتل الحياة والملذات معها، فكأن الملذات تقضي على نفسها. وهنا يطرأ علينا هذا السؤال: أي الملذات إذن أفضل لنا؟ طبعا تقول: هي تلك التي لا تقضي على الحياة، فما هي إذن؟ في كل فعل من أفعالنا نرمي إلى غرض يشبع شهوة من شهواتنا، حتى المعقولة، حتى العقلية.
صفحة غير معروفة