200

علل النحو

محقق

محمود جاسم محمد الدرويش

الناشر

مكتبة الرشد

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩م

مكان النشر

الرياض / السعودية

عَن بَابهَا، وَكَانَت أولى بالتغيير.
فَإِن قَالَ قَائِل: فقد وجدنَا مُضَافا مَبْنِيا، كَقَوْلِه تَعَالَى: ﴿من لدن حَكِيم عليم﴾؟
قيل لَهُ: إِنَّمَا ترد الْإِضَافَة الِاسْم إِلَى الْإِعْرَاب، إِذا لم يكن الْمُضَاف مُسْتَحقّا للْبِنَاء فِي حَال الْإِضَافَة، وَهُوَ مُتَضَمّن للإضافة كالمنادى، أَلا ترى أَنه لَا تلْزمهُ الْإِضَافَة فِي جَمِيع أَحْوَاله، وَأما (لدن) لَيْسَ لَهَا حَال تنفك بهَا من الْإِضَافَة، فَلَمَّا كَانَ الْبناء يلْزمه فِي حَال إِضَافَته، لم يجز إعرابه.
فَإِن قَالَ قَائِل: أَلَيْسَ إِذا خاطبت إنْسَانا، فَقلت لَهُ: أَنْت تفعل، فقد يجوز أَن يشكل عَلَيْهِ خطابك لَهُ، إِذْ كَانَ هَذَا اللَّفْظ يصلح أَن يكون لَهُ وَلغيره، فَهَلا جعل المنادى كالمضمر، إِذْ كَانَ مُخَاطبا، وَإِن وَقع فِيهِ اللّبْس الَّذِي ذكرته؟
قيل: الْفَصْل بَينهمَا أَن المنادى معرض عَمَّن يُنَادِيه، وَلَيْسَ يعلم أَنه الْمَقْصُود إِلَّا بِنَفس اللَّفْظ فَقَط، وَاللَّفْظ لَا يدل عَلَيْهِ دون غَيره، فاحتجنا إِلَى ذكر اسْمه.
وَأما الْمُخَاطب غير المنادى فثم إِشَارَة بيد أَو عين مَعَ اللَّفْظ، فَصَارَ هَذَا الْمَعْنى يضْطَر الْمُخَاطب إِلَى الْعلم بِأَنَّهُ مَقْصُود بِالْخِطَابِ، فَلهَذَا استغني بالمضمرات عَن الْأَسْمَاء الظَّاهِرَة.
وَاعْلَم أَن المنادى الْمعرفَة فِيهِ اخْتِلَاف، فَمن النَّحْوِيين من يَقُول: إِن تَعْرِيفه الَّذِي كَانَ فِيهِ قبل النداء قد بَطل، وَحدث فِيهِ تَعْرِيف آخر بالنداء، وَأما ابْن السراج

1 / 336