تشارلز داروين: حياته وخطاباته (الجزء الأول): مع فصل سيرة ذاتية بقلم تشارلز داروين

كيليب إفريت ت. 1450 هجري
93

تشارلز داروين: حياته وخطاباته (الجزء الأول): مع فصل سيرة ذاتية بقلم تشارلز داروين

تصانيف

القبطان يبذل كل ما في وسعه لمساعدتي، ونحن نتوافق معا بنحو جيد، غير أنني شاكر لحسن حظي لأنه لم يجعل القبطان يدفعني إلى خيانة مبادئ حزب الأحرار؛ فلن أكون مؤيدا للمحافظين، ولو لم يكن ذلك إلا لما أبدوه من قسوة القلب بشأن تلك الفضيحة التي تشين البلاد المسيحية وهي العبودية. تجمعني علاقة صداقة جيدة بجميع الضباط.

لقد عدت للتو من إحدى جولات السير الخاصة بي. إن عينات الحشرات التي أجمعها لا يحيط بها إلا قدر ضئيل من المعرفة؛ ف «المعجم الكلاسيكي» يذكر أن نوع نوتيريس، لا يضم سوى ثلاثة أنواع فرعية أوروبية. لقد جمعت في سحبة واحدة لشبكتي خمسة أنواع مختلفة منها، أليس ذلك استثنائيا؟ ...

أخبر البروفيسور سيجويك بأنه لا يعرف كم أنا مدين له بالرحلة الاستكشافية في ويلز؛ فقد ولدت في الاهتمام بعلم الجيولوجيا، وهو ما لن أكف عنه لأي سبب من الأسباب. لا أعتقد بأنني قد قضيت ثلاثة أسابيع أروع من تلك التي قضيتها في العمل في جبال الشمال الغربي. إنني أتطلع إلى فحص الطبيعة الجيولوجية لمونتي فيديو؛ إذ إنني سمعت بوجود ألواح صخرية هناك؛ ومن ثم فإنني أعتقد بأنني سأكتشف في هذه المنطقة نقاط التقاء الصفائح في سهول البامبا، والتكوين الجرانيتي الضخم الموجود في البرازيل. في باهيا، كان البيجماتيت والنايس يوجدان في الاتجاه نفسه في الطبقات، وهو ما لاحظ هومبولت أنه يسود في كولومبيا التي تبعد مسافة 1300 ميل، أليس ذلك مدهشا؟ ستظل مونتي فيديو هي وجهتي لفترة طويلة. أتمنى أن تكتب إلي ثانية؛ فما من أحد أحب أن أتلقى منه النصح أكثر منك ... فلتعذرني على هذا الخطاب الذي يفتقر إلى الوضوح. خالص مودتي إليك يا عزيزي هنزلو، وأحر مشاعر الصداقة والاحترام.

المخلص إليك

تشاز داروين

من تشارلز داروين إلى جيه إم هربرت

خليج بوتوفوجو، ريو دي جانيرو

يونيو 1832

عزيزي الغالي هربرت

لقد وصل خطابك حين كنت قد فقدت الأمل في تلقي خطاب آخر؛ لذا فقد منحني قدرا أكبر من السعادة. على مدى مثل هذه الفترة الزمنية، وهذا الحيز المكاني، يشعر المرء بالامتنان الحقيقي لمن لا ينسونه. وحين نستعيد في ذاكرتنا مشاهد قد مضت، فإن ذلك يمنحنا نحن «المنفيين» أحد أعظم مصادر السرور. كثيرا ما أفكر في بارماوث بينما أتجول بين هذه التلال، وكثيرا أيضا ما أتمنى مثل ذلك الرفيق الذي كان معي. يا له من تناقض شاسع بين ما تقدمه هذه الجولة وتلك! فهنا تجد القمم الحجرية الحادة تغطيها إلى الحافة الأشجار الزاخرة؛ فسطح البلد بأكمله هو غابة منيعة، إلا ما قطعه البشر منها. إنها تختلف كثيرا عن ويلز بتلالها المنحدرة التي يغطيها العشب، ووديانها الفسيحة. لم أكن أدرك من قبل مدى الصلة الوثيقة بين ما يمكن أن نسميه الجانب المعنوي والاستمتاع بالمناظر الطبيعية. وأنا أعني بذلك تلك الأفكار مثل تاريخ البلد وفائدة المحصول، والأهم من ذلك سعادة الأشخاص الذين تعيش معهم. تخيل أن العامل الإنجليزي قد أصبح عبدا فقيرا يعمل لصالح شخص آخر، ولن تستطيع أن ترى المنظر نفسه الذي كنت تراه من قبل. أعرف أنك ستسر حين تعرف أن كل شيء في الرحلة يسير على نحو جيد (فليحفظ ذلك الرب، باستثناء دوار البحر). لقد زرنا تينيريف بالفعل وكذلك جزر الكناري وسانت جاجو، حيث قضيت أروع ثلاثة أسابيع منتشيا ببهجة دراسة الطبيعة في جزيرة استوائية بركانية لأول مرة، وزرنا كذلك بعض الجزر الأخرى، إضافة إلى الميناءين الشهيرين في البرازيل، وهما: باهيا وريو.

صفحة غير معروفة