تشارلز داروين: حياته وخطاباته (الجزء الأول): مع فصل سيرة ذاتية بقلم تشارلز داروين
تصانيف
Hydrophilus
وهيدروبيس
Hydrobius
وجروميس
Gromius
باعتبارها عينات من الخنافس التي تعيش في المياه العذبة. إنني منهمك تماما في العمل على حيوانات اليابسة؛ إذ إن الشاطئ رمل فحسب. أعتقد أن أكثر ما استمتعت به هو العناكب والأنواع القريبة منها، وربما كان ذلك بسبب حداثتها. وأعتقد أنني جمعت بالفعل العديد من الأجناس الجديدة.
لكن العمل الجيولوجي هو الذي يسود المشهد؛ إن الأمر يشبه متعة المقامرة. حين أبدأ في تخمين نوع الصخور في بداية وصولي، غالبا ما أقول في نفسي بأنها ثالثية إلى أولية بنسبة واحد إلى ثلاثة، لكن النوع الأخير هو الذي فاز بجميع الرهانات حتى الآن. يكفي حديثا عن النتائج العظيمة لرحلتي، لكن الأمور تسير بأفضل حال في نواح أخرى كذلك. حياتي في البحر هادئة للغاية، وما أجمل من ذلك بالنسبة لشخص يستطيع أن يشغل نفسه؛ فجمال السماء وتلألؤ المحيط يرسمان معا صورة بديعة. أما حين أكون على الشاطئ متجولا في الغابات الرائعة، وتحيط بي المناظر الطبيعية التي هي أكثر روعة مما كان يمكن للرسام كلود أن يتخيل على الإطلاق ، فإنني أشعر ببهجة لا يمكن أن يفهمها إلا من اختبرها. وإن كان لا بد من فهمها، فلن يكون ذلك إلا بدراسة كتاب هومبولت. في لقاءاتنا القديمة الدافئة على الإفطار في كامبريدج، ما كنت لأفكر بأن المحيط الأطلنطي الشاسع سيفصل بيننا، غير أنها ميزة نادرة ننعم بها وهي أن المشاعر والذكريات لا تنفصل بانفصال الأجساد؛ فعلى النقيض من ذلك، فإن أجمل المناظر التي رأيتها في حياتي، والتي كان العديد منها في كامبريدج، تطرأ على مخيلتي بوضوح كبير، وذلك لتناقضها مع الحاضر. أتظن أن أي خنفساء ماسية ستمنحني من البهجة ما منحتني إياه صديقتنا القديمة خنفساء الصليب الأرضية؟ ... إن أحد مصادر المتعة الدائمة بالنسبة لي هي أن أستدعي صورا من الماضي، وفي معظم الأحوال، أراك فيها أنت وفان الصغيرة المسكينة. يا إلهي، وداش العجوز أيضا، يا له من مسكين! أتذكر كيف أنكم جميعا كنتم تحسدونني بسبب ذيله الجميل؟ ... عندما تجمع الحشرات من أسيجة الزعرور في يوم صحو من شهر مايو (سيكون الطقس قارس البرودة بلا ريب)، فلتفكر بأنني أجمع الحشرات بين أشجار الأناناس والبرتقال، وحين تتلطخ يدك بتوت العليق الأسود القذر، فتخيل ثمار البرتقال الناضجة وأنا أقطفها واحسدني على ذلك. إن ذلك تبجح كبير مني؛ إذ إنني يمكن أن أسير أميالا كثيرة في المطر الثلجي أو الثلج أو المطر، فقط لأصافحك. فليباركك الرب يا عزيزي الغالي فوكس. خالص مودتي إليك.
صديقك المخلص
تشاز داروين
من تشارلز داروين إلى جيه إس هنزلو
صفحة غير معروفة