وهكذا توقف العلام كالمأخوذ، أو كمثل تائه لا يعرف له طريقا، وخيل إليه أن نظرات العزيزة ما تزال مسلطة عليه مثل جمر متقد وهي تصرخ في وجهه: اغرب، اغرب!
اندفع العلام إلى مركبته تعبا متوترا مشيرا على رئيس حرسه بالتوجه فورا وبسرعة إلى قصره، مما حدا بهم إلى إلهاب ظهور جياده الأربعة التي اندفعت تدك أرض قرطاج الرخامية مسرعة وسط الظلام.
أما عزيزة وسعدى والهلاليون فقد واصلوا سمرهم البريء وكأن شيئا لم يكن، ومن جديد دارت أطباق الحلوى والمأكولات وكئوس العصير والشاي والشطائر.
وما إن قارب سمرهم الانتهاء حتى دعتهم عزيزة إلى المبيت بقصر الضيوف الملحق بقصرها غربا، يقيمون فيه ما شاءوا، واستقدمت كبير حرسها ليصحبهم عقب إعداد ما يلزمهم من غطاء ومأكل.
وأحست وهي تضع يدها بين يدي يونس بدبيب دافئ يسري في عروقها وهو شعور لم تحسه من قبل: يونس ...
ونفس الإحساس انتاب سعدى مع مرعي وهي تداعبه هامسة: لا تفتح عينيك يا مرعي صباحا قبل وصولي، إياك وإني لأحذرك!
غمغم مرعي وهو يودعها لتلحق بأبيها الزناتي قائلا: هذا عهدي لك يا سعدى.
أما العزيزة فوعدت يونس بإطلاعه غدا على ضوء الشمس على بقية مجموعات مقتنياتها وتحفها الفنية. - أريد أن أسمع رأيك يا يونس.
ثم همست في أذنه: العمر بطولو. - نفس الإحساس يا عزيزة.
حمل أبو زيد خرجه متقدما الباقين، وتبادلت مي مع الأميرتين القبلات التي ضحك لها الباقون مطولا ... - يا بختك يا مي! - حظوظ!
صفحة غير معروفة