73

عزيزة ويونس

تصانيف

انصرف الدلال العجوز مسرعا لا يلوي على شيء إلى أن أخفته أشجار بستان العزيزة العملاقة ذات الأغصان المتعانقة.

وعاودت عزيزة وسعدى الترحيب بيونس ورفاقه، ثم قامت عزيزة بأخذ يونس لتصعد به سلالم قصرها، الذي كان قد تضاعفت أنواره ونشط الحرس والجواري في مد موائد العشاء والشراب والمشهيات.

ولاحظت مي الحزينة من فورها مدى انبهار عزيزة بيونس وسعدى بمرعي، مشيرة خفية لأبي زيد الهلالي: اجتمع الشمل يا خال أبو زيد.

وما إن احتوتهم قاعات قصر العزيزة الفاخر المغطى بالمخمل الدمشقي القاني الاحمرار، حتى بهر الجميع من محتوياته المعبرة بجلاء عن مدى الذوق الرفيع الذي تحظى به صاحبته الأميرة العزيزة بنت معبد: متحف هائل!

وتزايد إعجاب العزيزة واحتفاؤها بيونس حين اصطحبته عبر ردهات قصرها لتطلعه على ما يحويه من مقتنيات عالية القيمة، وهي تنصت في رهبة حقيقية لتعليقاته التي كشفت لها عن مدى ثقافته وعميق معرفته بكل عنصر أو قطعة وعمرها التاريخي وأصلها الجغرافي وظروف العصر أو البيئة التي صيغت فيها، سواء أكانت تحفة أو لوحة فسيفساء أو منمنمات أو نسجيات، وهكذا.

إلى أن حانت من عزيزة نظرة جانبية إلى مرآة رأت فيها جيدها المزين بعقد الزمرد: رائع يا يونس العقد! أروع مقتنياتي!

وحين قاربته في محاولة لمعرفة أصله وموطنه أخبرها دون أن يذكر أنه ورثه عن جدته الشماء. - الغريب أن الزمرد القائم هو حجري المفضل.

ثم استدارت مستنجدة بسعدى التي كانت ساعتها منشغلة لأخمص قدميها في الترحيب بمرعي ورصد حركاته وإيماءاته المعبرة عن مدى فروسيته. - أليس كذلك يا سعدى؟ - أجل، أجل.

وحين جاء أوان العشاء تحلقوا جميعا حول المائدة في ألفة من يعرفون بعضهم البعض منذ زمن طويل. - مدوا أياديكم، تفضلوا.

وسمعت تعليقات أبي زيد: لقمة هنية تكفي مية.

صفحة غير معروفة