64

عزيزة ويونس

تصانيف

فاندفع من فوره مقدما لهم أقداح القهوة السوداء والحلوى والشاي الأخضر المنعنع شارحا الأمر: ليس هناك من معضلة، فقصر العزيزة على مبعدة فراسخ إلى الشرق.

ثم شرح لهم كيف أنها أرفع زبائنه شأنا وعطاء؛ لذا فلا بأس من التوجه بمصاحبتكم حالما ينتهي من إغلاق حانوته، وصرف زبائنه وعماله.

واعترت يونس رعدة مشابهة لتلك التي سبق لأبي زيد معاناتها لحظة لقائه بالعالية بنت جابر وتمكن يونس من تحسسها من بعيد، فتناول من فوره عقد الزمرد من يد الدلال المتكفئ المتوقد حماسا وحركة لمصاحبتهم فورا إلى مقر عزيزة قائلا: نذهب حالا، ولا داعي للتأجيل.

ثم غمغم لنفسه: عزيزة! أين أنا الآن في هذه الأسمال البالية من الخيش والأصباغ التي تغطي وجهي من الأميرة عزيزة؟

واصل الدلال عملية إقناعه لأبي زيد باعتباره كبيرهم الذي أشار بغلق حانوته والاتجاه معهم إلى قصر العزيزة: على خيرة الله.

وحين عاد يونس إلى تبادل النظرات مع أبي زيد، ضحك الأخير في خبث مغمغما في أذنه مذكرا بحكايته القديمة: أتخاف امرأة يا يونس؟

هنا انتفض يونس، دافعا عنه اضطرابه متحسسا في جيبه حبات العقد: ماذا تقصد؟! - أقصد عزيزة يا يونس.

أشار يونس كمن ينبه أبا زيد إلى ملابسه: أهكذا نتوجه إلى الأميرة عزيزة؟ - ولم لا؟!

ساعتها كان الدلال اليهودي المتوقد الذهن والحركة قد انتهى من صرف بقية زبائنه وعماله، وعينه لا تغفل عن يونس وعقد الزمرد الذي في حوزته وقاربهم منشرحا مهونا الأمر. أمر أحد مساعديه بإعداد عربته المطهمة التي تجرها الجياد قائلا وهو يأخذ بيد يونس الشارد بذهنه غير المصدق لما يحدث ويجري: خلاص، انتهينا، هلموا إلى قصر الأميرة عزيزة.

كان الحاكم الفعلي لتونس وتخومها العلام بن هضيبة قد وصل به القنوط واليأس إلى أقصى مداه، فتشابكت البلايا دفعة واحدة ومن جهات عدة لتحط على كاهله المثقل بواجبات حماية الأمن الداخلي لتونس وحكامها وشعبها.

صفحة غير معروفة