واعتلى كل أمراء بني هلال بدءا من السلطان حسن وأبنائه الأمراء الثلاثة يونس ومرعي ويحيى إلى الجازية وأبو زيد الهلالي الساحات، متحدثين في ثبات إلى جماهير المشيعين.
واندفعوا يطالبونهم بتحكيم العقل وإعمال الحكمة، بحثا عن حلول لما أصبح يعانيه الجميع شمالا وجنوبا من جوع ومذلة: - المشورة حق للجميع.
وما إن انتهت مراسيم دفن الجثمان والعزاء والمواساة، حتى اشتهرت وصية الأميرة الأم، والتي نصبت فيها الأميرة «نور بارق» أو الجازية لتأخذ مكانها في قيادة التحالف الهلالي.
وهنا تنفست الجماهير المحيطة التي لا تحدها غير الصعداء، فالجازية وحدها هي الأقدر عن جدارة في أخذ مكان الأميرة الأم، وهي المعروف عنها مدى بأسها في الحرب والنزال، ومدى حنوها واحتضانها لآلام الجميع التي تزايدت في السنوات الأخيرة العصيبة التي صاحبت الجفاف. - الجازية، أم محمد.
1
وكما لو أن اسمها ذاته سرى بين الجموع مهدئا كبلسم شاف.
حتى إذا ما واصل قاضي قضاة نجد «بدير بن فايد» قراءة وصية الأميرة الأم التي دونت على رقعة طويلة من جلود الغزلان البرية، تعدى طولها طول قامته، معلنا رصد الشماء للجانب الأعظم من ممتلكاتها وكنوزها لفقراء بني هلال وبسطائهم بالإضافة إلى جرحى الحرب والمعوقين وأسر الشهداء، حتى تعالت الأصوات المترحمة مدوية من كل جانب، وعلا بكاء النساء ونحيبهن، وسمعت أشعار المراثي علية من هنا ومن هناك:
شما تلفتيني
بحبك شبقتيني
قومي واسقيني
صفحة غير معروفة