الفصل الثالث
الثروة والحاجة
أنتم أيضا يا أبناء الأرض تحلمون بحالتكم الأولى، وإن خفتت الرؤية، إن لديكم بالفعل فكرة ما، وإن تكن غامضة، عن الهدف الحقيقي: السعادة؛ ومن ثم فإن توجها نظريا يحدوكم إلى الخير الحقيقي، وما يحيد بكم عنه سوى الأخطاء على اختلافها.
انظر إذن هل يمكن للبشر حقا أن يصلوا إلى هدفهم الذي حددوه، أي السعادة، من خلال هذه الوسائل التي يعتقدون أنها توصلهم إليه، فإذا كان المال أو المنصب أو بقية هذه الأشياء تجلب بالفعل حالة معينة لا يعوزها أي شيء من الأشياء الخيرة فسوف أسلم معك أن بعض الناس يبلغون السعادة حقا خلال امتلاك هذه الأشياء، أما إذا كانت تخلف وعودها وتظل مفتقرة إلى ألوان أخرى من الخير فمن الواضح البين أن أصحابها إنما يقبضون على مظهر كاذب للسعادة.
لذا سأسألك أولا بضعة أسئلة، ما دمت أنت شخصيا كنت رجلا ثريا حتى وقت قريب، ألم يؤرق عقلك قط، وأنت في أوج ثرائك، هم ناجم عن شعورك بأن ثمة ظلما وقع؟
قلت: «بلى، الحق أني لا أكاد أذكر أن عقلي قد خلا يوما من مثل هذا الهم.»
ف : «وكان ذلك إما لافتقادك شيئا لم تكن تود افتقاده، وإما لوجود شيء كنت تفضل ألا يوجد؟»
ب : «نعم.»
ف : «فكنت تود وجود شيء ما، وغياب شيء آخر؟»
ب : «نعم.»
صفحة غير معروفة