و«المخيلة»
imagination
و«العقل»
reason
و«الفكر»
intelligence
1
فالحواس تفحص هيئته كمركب من المادة، بينما المخيلة تدرك هيئته وحدها بدون مادة، أما العقل فيتجاوز الخيال أيضا وبإدراك كلي يتأمل في النوع أو الجنس المتضمن في صميم الأمثلة الفردية، غير أن هناك الرؤية العليا للفكر، والتي تتخطى مجال الكلي وتشهد الصورة البسيطة نفسها بالنظر الخالص للعقل.
النقطة الرئيسية التي تعنينا هنا هي أن الأعلى في المعرفة يتضمن الأدنى، ولكن من المحال على الإطلاق أن يسمو الأدنى إلى الأعلى، فالحواس لا يمكنها أن تدرك أي شيء عدا المادة، والمخيلة لا يمكن أن ترى إلى الجنس الكلي، والعقل لا يمكن أن يمسك الصورة البسيطة، أما الفكر فكأنما ينظر من أعلى ويدرك الصورة البسيطة، ثم يميز كل ما يندرج تحتها ولكن بتلك الطريقة التي يدرك بها الصورة نفسها التي لا يمكن أن تعرف لأي وسيلة أخرى: فهو يعرف معرفة العقل بالكليات ومعرفة الخيال بالهيئة ومعرفة الحواس بالمادة، من دون أن يستخدم العقل ولا الخيال ولا الحواس، وإنما بلمحة ذهنية واحدة تنظر إلى كل شيء بتصور واضح للكل.
والعقل أيضا عندما ينظر إلى الكليات من دون أن يستخدم الخيال أو الحواس فإنه يدرك الموضوعات المتخيلة والمحسوسة لكل من المخيلة والحس، فالعقل هو ما يعرف المفهوم الكلي: «الإنسان حيوان عاقل يمشي على قدمين»، وحيث إن هذا المفهوم كلي فالجميع يعلم أنه مفهوم يمكن أن يتخيل بالخيال ويحس بالحواس، بينما ينظرها العقل لا من خلال الخيال أو الحواس ويحس بالحواس، بينما ينظرها العقل لا من خلال الخيال أو الحواس بل من خلال التصور العقلي، والمخيلة أيضا ربما تكون قد استمدت قدرتها الأصلية على رؤية هيئة الأشياء وتكوينها من الحواس، غير أنها في غياب الحواس تظل لها القدرة على أن تعاين كل الأشياء المحسة لا من خلال الإدراك الحسي بل من خلال الإدراك الخيالي.
صفحة غير معروفة