فيما توالت السنون، ارتفع تعداد سكان البلدات والمدن بمعدل ثابت، وتحسنت وسائل النقل والشحن بشكل ملحوظ، وانتعشت التجارة والحركة بالتبعية، وكانت قوات الجيوش في حراك دائم. ضمنت كل هذه الأنشطة انتشار أوبئة الطاعون؛ فكانت تضرب مرارا وتكرارا بعنف متزايد، وكلما زاد عدد الأشخاص في التجمعات الحضرية، زاد عدد الوفيات. ومع بزوغ القرن السابع عشر، كان الطاعون يتفشى في مكان ما في بريطانيا كل عام تقريبا.
في يونيو عام 1580، نظرا لتفشي الطاعون في لشبونة، أمر اللورد بيرلي، وزير الخزانة، باتخاذ الاحتياطات اللازمة لدى وصول السفن من هناك للحيلولة دون وصول العدوى إلى لندن؛ فلم يكن مسموحا للتجار أو البحارة بالإقامة في المدينة أو الضواحي، كما لم يكن مسموحا بتفريغ البضائع «إلى أن تتعرض للتهوية لبعض الوقت.»
في وقت لاحق من هذا العام، منع مجلس جلالة الملكة كافة السفن والبضائع بميناء راي بمقاطعة ساسكس على الساحل الجنوبي، حيثما كان الطاعون هائجا، من مواصلة مسيرتها إلى لندن «إلى أن تتعرض للتهوية.» علاوة على أنه لم يكن مسموحا لقاطني ميناء راي بالذهاب إلى المدينة أو بإرسال أي بضائع برا، ما دام الطاعون منتشرا هناك.
إلا أن الملكة أبلغت في سبتمبر من عام 1581 أن زيادة استشراء الطاعون «تعود إلى حقيقة أن الأوامر الصادرة بشأن المصابين لا تنفذ.» ونتيجة لذلك، «أجبرت الملكة على الانتقال بعيدا وإرجاء تنفيذ القانون» (أي إنها قامت بإجراء مراوغ وفرت).
في أبريل عام 1582، أصدر لوردات المجلس تعليمات «لمنع الدفن في فناء كنيسة سان بول» لأن فناء الكنيسة كان مكتظا للغاية لدرجة أنه «لم يكن يوجد أي قبر دون جثث مكشوفة.»
وفي أكتوبر عام 1582، أصدرت الملكة أوامر بمنع أي تجار أو أشخاص آخرين من المدينة كان لديهم مصابون في منازلهم من اللجوء إلى مقاطعة هارتفورد أو بلدة وير أو بلدة هوديسدون أو إرسال أي أنواع من البضائع أو الأطعمة أو ما شابه إليها.
وفي أبريل عام 1583 تفاقمت العدوى بشدة، وأمرت الملكة بما يلي:
يجب غلق المنازل المصابة، وتوفير الطعام للمرضى ومنعهم من الخروج، ويجب تمييز المنازل المصابة، وتطهير الشوارع تطهيرا شاملا. وأعربت جلالتها عن دهشتها لعدم بناء مستشفى خارج المدينة لنقل المصابين إليه، بالرغم من أن مدنا أخرى ذات آثار أقل عراقة وأقل صيتا وثراء وشهرة قد بنت لنفسها مثل هذه المستشفيات. (7) اسكتلندا
في تلك الأثناء لم تنج اسكتلندا، بل في وقت مبكر وتحديدا في عام 1475، استخدمت جزيرة إنشكيث عند مصب نهر فورث كمحطة حجر صحي. وفي وقت لاحق، استخدمت أيضا جزيرتا إنشكولم وإنشجارفي لنفس الغرض.
صار الطبيب جيلبرت سكين طبيب الملك جيمس السادس عام 1568، عام الطاعون العظيم في إدنبرة، وقد خط أطروحة حول المرض، فيقول إن الطاعون دخل المدينة في الثامن من سبتمبر حيث جلبه إلى المدينة «تاجر يدعى جيمس دالجليش.»
صفحة غير معروفة