العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم
محقق
شعيب الأرنؤوط
الناشر
مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤١٥ هـ - ١٩٩٤ م
مكان النشر
بيروت
عليها مدارُ الاجتهاد والترجيح والانتقاد، وليس لِغيره مثلُ هذه الأهلية، ولا أعطاهم الله -سبحانه- مثل هذه العطية" (١).
وما أصدق ما قاله شيخ الإسلام الشوكاني ﵀ فيه حيث يقول: " والذي يَغْلِبُ على الظن أن شيوخه لو جُمِعُوا في ذاتٍ واحدة، لم يَبْلُغْ علمُهم إلى مقدار علمه، وناهيك بهذا، ثم يقول: بعدَ كلام طويل: " ولو قلتُ: إن اليمنَ لم تُنْجِبْ مثلَه لم أُبعِدْ عن الصواب " (٢).
ولما بلغ من العلم هذه الدرجة العليا، وبخاصة في علوم القرآنِ والسنة التي بَرزَ فيها، وأقبل على العمل بكتاب الله، وما صَح من سنة رسول الله ﷺ داعيًا إلى الاجتهاد، ومندِّدًا بعلماء عصره الذين التزموا بالتقليد، لم يرُق لهم خروجُه على ما أَلفوهُ من التقليد ودعوته لهم إلى نبذه، والرجوع إلى العمل بكتاب الله وسنةِ رسوله ﷺ، فناصبوه العداء، وشنعوا عليه، وشكَّكوا في دعوته، وصدُّوا الناسَ عن سلوكِ هذا المنهج القويم، والذي تَصَدَّرَ هذه المعارضة هو شيخُه العلامة جمالُ الدين علي (٣) بن محمد بن أبي القاسم، فقد جرت بينَه وبينَ تلميذه منازعة في مسائل كما ذكر صاحب " الفضائل " وقال: " وكان مِن شيخه طَرَفٌ من الحَيف في السؤالات، وتحويلٌ لما يرويه الإمام محمد بن إبراهيم على صفة أنه يأخذ من كلامه مفهومًا لم يقصده، أو قد صرَّح بنفيه والإجماعُ منعقد على عدم اعتبار مفهومٍ وقع التصريحُ بخلافه، وما كان ذلك إلا لمكان دعوى الاجتهاد ".
_________
(١) الفضائل.
(٢) البدر الطالع ٢/ ٩٢.
(٣) هو مؤلف تجريد الكشاف، ويقال: إن له تفسيرًا حافلًا في ثمان مجلدات. مولده سنة ٧٦٩ ووفاته سنة ٨٣٧.
1 / 19