168

العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم

محقق

شعيب الأرنؤوط

الناشر

مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع

الإصدار

الثالثة

سنة النشر

١٤١٥ هـ - ١٩٩٤ م

مكان النشر

بيروت

قلت: ولم يذكر المزي في ترجمة: يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة، أحدًا من الستة أخرجه.
وروى أحمد في " المسند "، من حديث مَعْقِل بنِ يسار، قال: أمرني النبي ﷺ أَن أقضيَ بين قوم، فقلتُ: ما أحْسِنُ أن أقضِيَ يا رسولَ الله، قال: " الله مع القاضي ما لم يَحِفْ عمدًا " (١). إسناده عندي حسن. والله أعلم.
وينبني على هذا مسألة، وهي أنه قد ثبت بالتواتر الأمْرُ بحَرْبِ " الخوارج " وذمِّهم، وتأثيمهم، وتسميتهم: موارق من الإسلام (٢).
فَمَن أخرجهم مِن الإسلام، ومِن الأُمة؛ لم يحتج إلى كلام، ولم يتعارض عنده الأمران، وكذلك: من لم يسلِّم أنهم مِن أَهل الخطأ، وجوز أنهم عاندوا، ولو في بعض الأوقات، واعْتَقَدَ أن تنْزِيهَهُم من ذلك، دعوى لعلم الغيب، وبناء على تصديقهم فيما أظهروه، وهو مُحَرَّمٌ ممنوعٌ شرعًا. فكل كافر يَدَّعي ذلك، وعلام الغيوب يُكذِّبهُم. وهذا قوي جدًا.
وَمنْ أدخلهم في الأُمة، وكفَّرَهم، خَصَّصَ رواية الرفع في الحديث -قطعًا- في الدنيا والآخرة، لكنَّها لم تصح، لكونها معللة مَرْجُوحة -كما تقدم في طريق ابن عباس- ولا شكَّ أن رواية التجاوز: أَصَحُّها، لأنها من (٣) طريق بِشر بنِ بكر، عن ابن عباس. وإسناد حديثه أَصَحُّها، ثم هي مطابقة للقرآن في الدلالة على أن المراد أحكامُ الآخِرة،

(١) رواه أحمد في " مسنده " ٥/ ٢٦، وإسناده حسن كما قال المصنف.
(٢) انظر هذه الصفات كلها في " صحيح مسلم " ٢/ ٧٤٦ - ٧٥٠.
(٣) في (أ) و(ب): في.

1 / 198