العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم
محقق
شعيب الأرنؤوط
الناشر
مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤١٥ هـ - ١٩٩٤ م
مكان النشر
بيروت
﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا (١) الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [التوبة: ١٠٠].
﴿وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الفتح: ٢٩].
و" مِنْ " ها هنا لِبيان الجنس، لأن لفظةَ "بعضٍ" لا تَصلُحُ مكانَها. فما أكرمَ قومًا ذُكِروا في التَّوراة والإنجيل والقرآن، وَوُصفوا بالسَّبق والهجرة والنُّصْرَة والإيمان، أولئك أصحابُ رسول الله ﵌، الذين صَدَعتْ مَمادحُ الوحي قرآنًا وسُنَّةً، بأنَّهم خيرُ الناس وخيرُ القرون، وخيرُ أُمَّة. ولو لم يَرد من فضائلهم الشريفة، إلا حديثُ " ما بلغَ مُدِّ أحدهم ولا نصيفه " (٢).
(١) هي قراءة عبد الله بن كثير المكي، المتوفى سنة (١٢٠) هـ وكذلك هي في مصحف أهل مكة وقرأ الباقون: ﴿تَحْتَها﴾ بحذف " مِنْ " ونصب " التاء "، وكذلك هي في جميع المصاحف غير مصحف أهل مكة، انظر " حجة القراءات " (ص: ٣٢٢) لابن زنجلة، و" زاد المسير " ٣/ ٤٩١، و" الكشف عن وجوه القراءات " ١/ ٥٠٥.
(٢) حَذَفَ المُصنفَ الجوابَ للعلم به، أي: لكفاهم بذلك فخرًا، وهو من بابة قوله تعالى في سورة الرعد، الآية: ٣٢: ﴿ولو أنَّ قرآنا سُيرت به الجبالُ أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى بل لله الأمر جميعًا﴾، انظر " زاد المسير " ٤/ ٣٣٠ بتحقيقنا.
والحديث بتمامه: " لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده، لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبًا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه " أخرجه البخاري (٣٦٧٤) ومسلم (٢٥٤٠) والترمذي (٣٨٦٠) وأبو داود (٤٦٥٨) وأحمد ٣/ ٥١١، وابن أبي عاصم (٩٨٨) والبغوي (٣٨٥٩) كلهم =
1 / 180