أن أوسطاث نائب سرجيس رئيس دير عوقبثا تولى خدمة هذه الكنيسة الجميلة. ونضرب صفحا عن تعداد سائر الكنائس التي شادها الغساسنة في بلادهم. (5) المؤلفون الغساسنة في عصر السريان الذهبي
قام في غسان كتبة عديدون أنشأ البعض منهم تصانيفهم في اللغة السريانية، والبعض الآخر في اللغة العربية، فمن الذين صنفوا في اللغة السريانية نذكر: القديس طيطس مطروبوليت بصرى الذي اشتهر في القرن الرابع، وصنف تآليف جليلة أعظمها شأنا كتابه في تزييف بدعة «ماني» الملحد. وقد اكتشف المستشرقون تصانيفه السريانية ونشروها مع ترجمتها.
10
ونهج منهاجه خلفه القديس أنطيفاتر فصنف عدة كتب في مواضيع دينية شتى، منها مقالاته في اتضاح الإيمان وميامره أي مواعظه في الأعياد وردوده على الهراطقة.
11
ولسنا ننسى يوحنا مطران بصرى (†650) العلامة الذي ذاع صيته بين فضلاء أساقفة عصره، صنف ليترجية سريانية بليغة معروفة باسمه، أولها: «أيها الإله واهب المحبة والاتفاق».
12
ونضم إلى هؤلاء الملافنة بولس مطران الرقة الذي أكب في القرن السادس على نقل مصنفات البطريرك سويرا (†538) عن اليونانية إلى السريانية، ونظم أنشودة للميرون جميلة. وقس عليه البطريرك بطرس الثالث القلنيقي (571-591) الذي اشتهر بتآليفه المحكمة، وارتحل إلى بلاد غسان ليوثق عرى الصداقة الدينية بين الكرسي الإسكندري والكرسي الأنطاكي، وأنشأ مقالات جمة في اليونانية والسريانية، وله ليترجية سريانية معروفة باسمه افتتحها بهذه العبارة: «أيها الإله الأب العلي الأزلي».
أما العلماء الذين عاشوا في بلاد غسان وكتبوا باللغة العربية فكثيرون، أشهرهم الشاعر المفلق أبو مالك المعروف بالأخطل التغلبي (640-710)، وهو يعد من أفاضل الشعراء بجودة نظمه، ومتانة عبارته، وغزارة معانيه، وتفنن أساليبه، ومن أخباره أن أمه ليلى علقت على صدره صليبا لم ينزعه مدة حياته كلها حتى عند دخوله على الخلفاء الأمويين، وعرف لذلك بذي الصليب.
ولد الأخطل نصرانيا وتبع العقيدة المنوفيزيتية الشائعة بين قبائل غسان، وكان يجاهر بدينه دون حياء ولا وجل، وقضى أيامه في البلاد الخاضعة للدولة الأموية، فمدح خلفاء بني أمية كيزيد بن معاوية، وعبد الملك بن مروان، والوليد (680-715)، حتى سمي شاعرهم الخاص، وبرز في مديح أعيان زمانه وكانوا بأجمعهم يفضلون شعره على كل نفيس وثمين.
صفحة غير معروفة