شكل 1-4: أول نموذج حديث للكرة الأرضية، صنع في نورمبرج في عام 1492 على يد التاجر الألماني مارتن بيهايم عقب عودته من غرب أفريقيا.
4
شكل 1-5: ملاحة برتغالية-بينية صممها رحالة برتغاليون في وقت مبكر من القرن السادس عشر، ونحتها حرفيون أفارقة. والنتيجة عمل فني جديد تماما في عصر النهضة.
5
كان للواردات الأفريقية، من ذهب وفلفل وقماش وعبيد، التي تدفقت إلى أوروبا - جنبا إلى جنب مع البضائع المستوردة من الشرق - أثرها في غرس بذور التفاهم العالمي في أوائل العصر الحديث. ففي عام 1492، عشية رحلة كولومبوس الأولى إلى العالم الجديد، ابتكر تاجر القماش الألماني مارتن بيهايم شيئا جسد اندماج الاقتصاد العالمي مع الابتكار الفني الذي أصبح سمة متزايدة لذلك الوقت ؛ وكان هذا الشيء هو أول مجسم معروف للكرة الأرضية. واحتوت كرة بيهايم على أسماء أكثر من 1100 من الأماكن، وعلى أكثر من 48 تمثيلا مصغرا للملوك والحكام، كما احتوت أيضا على بعض الأساطير التي تصف البضائع والممارسات التجارية وطرق التجارة. وقد كانت هذه الكرة هي الخريطة التجارية للعالم في عصر النهضة، والتي صنعها شخص كان تاجرا وجغرافيا. وقد سجل بيهايم تجاربه التجارية الخاصة في غرب أفريقيا بين عامي 1482 و1484، وأعطت تلك التجارب بعض المؤشرات على دوافعه للقيام بتلك الرحلات. فقد أبحر «مع مختلف السلع والبضائع للبيع والمقايضة»، بما في ذلك الخيول «لتقديمها الى الملوك المغاربة»، وكذلك «أمثلة مختلفة من التوابل لعرضها على الأندلسيين لكي يفهموا ما نريد من بلادهم». وكانت التوابل والذهب والعبيد هي السلع الأساسية التي قامت عليها نشأة أول صورة عالمية حقيقية للعالم في عصر النهضة.
لم تكن مثل هذه التأثيرات الثقافية والتجارية في اتجاه واحد فقط؛ فقد أشار مؤرخ برتغالي إلى أنه «كان الرجال في سيراليون شديدي الذكاء، وكانوا يصنعون أشياء جميلة للغاية مثل الملاعق والملاحات ومقابض الخناجر»، وهذه إشارة مباشرة إلى «الأعمال العاجية الأفروبرتغالية»، وكانت هذه الأعمال الفنية التي نحتها فنانون أفارقة من سيراليون ونيجيريا، تدمج الأسلوب الأفريقي مع التصميمات الأوروبية لإنشاء أغراض هجينة فريدة من نوعها لكل من الثقافتين. وكانت الملاحات وأبواق الصيد بصفة خاصة أمثلة شائعة لهذه المنحوتات، وكانت تمتلكها شخصيات شهيرة مثل ألبريشت دورر، وعائلة ميديتشي. وإحدى الملاحات المذهلة بوجه خاص، والتي يرجع تاريخها إلى وقت مبكر من القرن السادس عشر، كانت تصور أربع شخصيات برتغالية يحملون سلة تبحر عليها سفينة برتغالية، ولإضافة لمسة من الفكاهة على النحت يظهر بحار من منصة المراقبة في السفينة. ومن الواضح أنه تم رسم تفاصيل الملابس والأسلحة وحبال الأشرعة بناء على مراقبة مفصلة، ولقاءات مع البحارة البرتغاليين. ويعتقد الباحثون أنه تم تصميم هذه المنحوتات للتصدير إلى أوروبا. وقد أثرت ملامح هذه المنحوتات المطرزة والمضفرة والملتوية برقة بشكل كبير في فن العمارة في البرتغال في القرن السادس عشر، حين بدأت البرتغال في تشييد معالم تذكارية تحتفي بقوتها التجارية في أفريقيا والشرق الأقصى.
هوامش
الفصل الثاني
نصوص الحركة الإنسانية
في نوفمبر عام 1466، وجد جورج من تريبيزوند - وهو أحد ألمع الباحثين الإنسانيين في القرن الخامس عشر - نفسه قابعا في أحد سجون روما بناء على أوامر البابا بولس الثاني. منذ وصول جورج إلى فينيسيا كباحث يتحدث اللغة اليونانية قبل 50 عاما، كان قد أثبت مكانته كممارس بارع للفنون الفكرية والتعليمية الجديدة في ذلك العصر، مستوحيا أفكاره من المؤلفين الكلاسيكيين من اليونان وروما. وسرعان ما سطع نجم جورج - مستخدما مهاراته في اللغتين اليونانية واللاتينية - بنشر كتب دراسية عن علم البلاغة والمنطق، علاوة على شروحات وترجمات لمؤلفات أرسطو وأفلاطون.
صفحة غير معروفة