فتساءل حمدون بغموض: وتزوجت بدرية؟ - كلا، ليس بوسعنا أن نسيطر على خطة كاملة؛ إذ إن غيرنا يشاركنا - ونحن لا ندري - في تأليفها.
وساد الصمت كغلاف لانفعالات شتى، ولكن عزت رجع من مغامرته الجنونية بشيء من الهدوء ... وكثير من الاستسلام، حتى إنه سأله في النهاية: ما رأيك فيما سمعت؟
فأجاب بازدراء: إنك قذر، ولكنك لست أقذر من كثيرين.
ولم يغضب، تلقى الذم ضمن سيال مرتعش من نشوة مبهمة. ووقف على حافة التحدي بقلب لا يخلو من جذل وإلهام ... وإعرابا عن حاله الجديدة قال بصوت لا أثر للاستياء فيه: أمامنا فرصة لنسيان الماضي.
فتساءل حمدون بوجوم: ألم يكف ربع قرن للنسيان؟ - كلا. - ماذا تقصد؟ - أن نعالج أمورنا بروح جديدة. - أتريد أن توحد مصائرنا مرة أخرى؟ - بعزيمة صادقة.
فقال بازدراء: إنك تبحث عن كفارة، وإني أحتقر ذلك. - لم جئتني؟ - لم يساورني فيك شك. - لقد حطمنا أنفسنا فيما مضى، وعلينا أن نحاول البناء.
فقال بازدراء أشد: علي أن أبصق على وجهك.
فابتسم عزت وهو نشوان بقدرته على الاحتمال: إني مسئول عنك. - إنك لا تستطيع أن تحمل مسئولية حشرة. - بل يجب أن تعيد التفكير. - لن أراك بعد اليوم. - كيف تواجه الحياة؟ - هل طرحت هذا السؤال على ابنك؟
تغلغل الألم حتى جذور قلبه فأمسك عن الكلام، على حين واصل حمدون قائلا: أي تسامح من ناحيتي يعني أن عمري ضاع هباء.
فقال عزت بأسى: إني أفكر في بناء جديد يتسع لحياة صحية تضم حمدون وعزت وبدرية وسيدة. - تحاول أن تجعل منا أدوات لخلق السلام لنفسك، كما سبق أن جعلت منا أدوات تخريب لتشيد فوق أطلالنا السعادة التي رفضتك.
صفحة غير معروفة