العسجد المسبوك والجوهر المحكوك في طبقات الخلفاء والملوك
تصانيف
وفي هذه السنة وقعت فتنة 60 عظيمة بفيروزكوه 61 وذلك ان الامام فخر الدين محمد بن عمر بن الحسن الرازي الفقيه المشهور الشافعي قدم على غياث الدين فاكرمه غياث الدين وبالغ في اكرامه، وبنى له مدرسة بهراة، فقصده الفقهاء (من البلاد فعظم ذلك على الكرامية 62 وهم كثيرون بهراة فاتفق ان حضر الفقهاء) 63 من الكرامية والحنفية والشافعية عند غياث الدين للمناظرة، وحضر فخر الدين الرازي والقاضي مجد الدين عبد المجيد بن عمر المعروف بابن القدوة، وهو من الكرامية الهيصمية فتكلم الرازي فاعترض عليه ابن القدوة وطال الكلام بينهما فاستطال عليه فخر الدين وسبه وشتمه وابن القدوة لا يزيده 64 على ان يقول لا واخذك الله استغفر الله، وقاموا على هذا فلما كان الغد صعد المنبر بالجامع ابن عم 65 للمجد ابن القدوة وقال بعد ان حمد الله تعالى وصلى على النبي صلى الله عليه واله وسلم: «لا اله الا الله ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين» 66 أيها الناس انا لا نقول الا ما صح عندنا عن رسول الله صلى الله تعالى عليه واله وسلم، واما علم ارسطاطا ليس وكفريات ابن سينا 67 وفلسفة ابن الفارابي 68 فلا نعلمها، فلأي حال شتم بالامس شيخ من شيوخ الاسلام يذب 69 عن دين الله وسنة نبيه وبكى وبكي الكرامية واستغاثوا، وثار الناس من كل جانب وامتلأ البلد فبلغ ذلك السلطان فارسل جماعة من عنده الى الناس وسكنتهم 70 ووعدهم باخراج فخر الدين من عندهم فأمر 71 بالعودة الى هراة فعاد اليها.
وفي هذه السنة في شهر ربيع الاول سار خوارزم شاه الى الري وغيرها لانه بلغه أن نائبه بها مياحق قد تغير عن طاعته، فسار اليه الى قلعة من اعمال مازندران 72 فامتنع بها فسارت العساكر في طلبه فاخذ منها واحضر بين يدي خوارزم شاه فحبسه وسيرت الخلع لخوارزمشاه ولولده قطب الدين محمد وتقليد بما في يده من البلاد فلبس الخلعة واشتغل بقتال الملاحدة فافتتح قلعة على باب قزوين، وانتقل الى حصار الموت 73 فقتل عليها صدر الدين محمد بن الوزان رئيس الشافعية بالري وكان قد تقدم عنده تقدما عظيما، قتله الملاحدة وعاد خوارزم شاه الى خوارزم، فوثب الملاحدة على وزيره نظام الملك مسعود بن علي فقتلوه في جمادى الاخرة من سنة ست 74 وتسعين 103 ب وخمسمائة فأمر تكش ولده قطب الدين بقصد الملاحدة فقصد قلعة ترشيش 75 فحصرها فأذعنوا له بالطاعة وصالحوه 76 وبلغه خبر مرض ابيه فارتحل عنهم.
صفحة ٢٥١