فلما سمعت الجارية كلامه وكانت مستلقية على العشب من التعب نهضت وصاحت: «كذبتم أيها الغادرون، ليس الأمر كذلك.»
فلما سمع كلامها شبه له صوت جهان واختلج قلبه في صدره واستبعد أن تكون هي نفسها؛ إذ لو كانت هي لعرفت صوته فقال للرجل: «قل الحق ولا تخوفني بأحد وإلا ألحقتك برفيقك.»
قال: «لا تغتر بما سمعته، إن هذه الجارية هاربة من بيت الخليفة فمن يجسر على حمايتها؟»
قال: «أنا أجسر، دعها وسر في طريقك.»
فصاح الرجل: «من أنت حتى تجسر على ذلك؟»
فحول ضرغام وجهه عنه وأمسك الفتاة بيدها ومشى وهو يقول: «قل للخليفة أو لسواه ممن يدعي السيادة على هذه الفتاة أنها في حماية الصاحب.»
فلما سمع الرجل اسمه تراجع وبهت كأنه صعق ثم قال: «عفوك يا مولاي عن جرأتي؛ إذ لم أكن أعلم أن مولانا الصاحب يخاطبني.» قال ذلك وقفل راجعا.
أما ضرغام فترك يد الفتاة ومشى إلى جواده وكان لا يزال واقفا في مكانه، فقاده بلجامه وسار وقال للجارية: «امشي يا بنية لا تخافي. وأخبريني عن حقيقة أمرك فقد سلمت الآن من الخطر.»
فقالت وصوتها مختنق: «أشكر الله إذ أرسلك لإنقاذي، ولولاك لذهبت ضحية الظلم.»
فأطربه صوتها وأحب أن ينظر إلى وجهها وقلقه على جهان يوهمه أنها قد تكون هي بعينها، ولكن الظلام كان يحول دون ذلك فقال لها: «قولي ما خبرك؟»
صفحة غير معروفة