وأمرت مرجان أن يستخرجه فأخرجه بعد عنف شديد وهو يقول: «إن الوعل مات بهذا السهم.» ودفعه إلى جهان فتناولته وقلبته بين أناملها فرأت على ريشه كتابة بالعربية وكانت تحسن قراءتها، ولم تكد تتبين أحرفها حتى صاحت: «ضرغام ... ضرغام! إني أقرأ اسم ضرغام على هذا السهم.» فتقدم مرجان، وكان يقرأ العربية أيضا، فقال: «هو اسم ضرغام.»
فبهتت جهان والتفتت إلى خيزران وهي تتجلد خوفا من ظهور بغتتها أمام الرجلين، ثم أمرتهما أن يذهبا بالوعل إلى مكان يذبحانه فيه ويفعلان به ما شاءا، فلما ابتعدا قالت: «ما قولك في هذه المصادفة؟»
قالت: «يظهر أن ضرغاما قريب من هذا المكان وهذا سهمه قد رمى الوعل به فحمل الوعل جرحه مسافة طويلة؛ لأن هذه الوعول لا تسرح إلا عند ضفاف نهر الشاش على مسافة بعيدة من هذا المكان.»
فأطرقت جهان وهي تحسب نفسها في حلم ثم قالت: «إنها مصادفة غريبة! على أني أخاف أن نكون قد أخطأنا الظن. ولكن لا ... إن قلبي يحدثني بصدق ظني ... فإذا كنت مصيبة فأين تظنين ضرغاما الآن؟»
قالت: «أظنه معسكرا على ماء للاستراحة قبل دخول فرغانة، ولا أعرف ماء في هذه الجهة إلا نهر الشاش فلعله معسكر على ضفته الشرقية.»
قالت: «وهل هذه الضفة بعيدة عنا؟»
قالت: «إنها على فرسخ وبعض الفرسخ من هنا. أظنك تريدين الذهاب؟»
فابتسمت والخجل يعارض ابتسامها، وحدقت في خيزران لتستطلع حقيقة غرضها من السؤال، فرأتها تنظر إليها باهتمام فعلمت أنها تشاركها شعورها فقالت: «وهل تظنين في ذهابي إليه بأسا؟»
فأشفقت خيزران على عواطفها وأحبت مجاراتها فقالت: «لو علم القوم أنك ذاهبة إليه عمدا لتحدثوا بذهابك، ولكننا إذا لقيناه اتفاقا فلا بأس، على أن المكان بعيد لا يخلو الذهاب إليه من المشقة. هل تستطيعين ذلك؟»
قالت: «لا مشقة علينا ونحن راكبتان، هلمي بنا.» قالت ذلك والتفتت إلى الرجلين فرأتهما مشتغلين بذبح الوعل بعيدا.
صفحة غير معروفة