فغطى البك أنفه بأصابعه وانحنى للأمام. «كنت مقتنعا بأن القراءة جزء من المشكلة.»
فصحح له الكاهن: «ليست القراءة ذاتها، ولكن طبيعة ما تقرؤه. إنني لا أعطي قيمة كبرى للروايات؛ فهي نوع أدبي لا يناسب سوى النساء التافهات والشباب الرومانسيين. وتلك التفاهات حتى وإن كانت تحفة فنية مثل «الساعة الرملية»، لا يمكن أن يكون لها أي نفع حقيقي. ولكنني أعتقد أنها لو حصلت على مواد أكثر جدية للقراءة مثل الفلسفة والتاريخ والبلاغة، فقد يكون ذلك مفيدا لها.»
أنزل البك أصابعه من على أنفه وصب لنفسه كأسا أخرى. «وهل تقترح لها معلما؟»
سرح جيمس بعينيه في أرفف الكتب التي تقع في الجانب الآخر من المكتبة، كما لو كان يفكر في الأمر مليا قبل الإجابة.
ثم قال: «إذا رغبت في ذلك، يمكنني أن أتعهدها شخصيا. لقد كان والدها رجلا طيبا، وإنني أدين بذلك لذكراه على الأقل.»
الفصل الثاني عشر
غادر الملازم براشوف المعسكر فجرا، وأحكم تثبيت خرجه إلى حصانه ثم انطلق. أربع عشرة ساعة عبر الأمطار والأنهار التي امتلأت بجثث الأبقار النافقة، مارا بمستشفيات ميدانية غارقة في الماء، وحقول شمندر مغطاة بالملح. ظل يمتطي الحصان ليلا ونهارا عبر الأمطار التي تشبه الأرز الذي ينسكب من حقيبة من الخيش، عبر طرق مبتلة موحلة ومفارق طرق غارقة في الطين. ولم يكن قادرا معظم الرحلة على أن يرى أبعد من أنف حصانه، ثم توقفت الأمطار، وبلا سابق إنذار انطمس بصيص ضوء كان يلوح في السماء كالثقب، وسطع قمر أبيض ... «آنسة كوهين.»
رفعت إلينورا رأسها عن كتابها، فوجدته السيد كروم. «إن الكاهن مولر بالطابق الأسفل. لقد حضر من أجل الدرس. هل أخبره أن يقابلك في المكتبة؟»
هزت إلينورا رأسها، وانتهت من الفقرة التي كانت تقرؤها، ثم أغلقت كتابها واضعة المؤشر. انتظرت السيد كروم حتى يغادر قبل أن تنهض من المقعد، ورمقت نفسها في مرآة مائدة الزينة، ثم اتخذت طريقها هابطة الدرج. لم تكن واثقة من جدوى تلك الدروس، ولكنها وعدت منصف بك أنها ستجربها لمدة شهر على أقل تقدير. ظلت تجر يدها بامتداد السور الرخامي البارد، وهبطت حتى غرفة الانتظار، ثم اتجهت إلى الجانب الآخر من الغرفة في اتجاه قطري. وعندما وصلت إلى المكتبة، وقفت فترة طويلة في مدخلها تراقب معلمها الجديد وهو يتصفح كتابا. كان ظهره باتجاه الباب، فلم تستطع أن تحدد ماذا كان يفعل، ولكن كان واضحا أنه يداعب الحافة السفلى لفتحة أنفه بإبهامه.
قال الكاهن عندما لاحظها أخيرا: «مرحبا، يسعدني أن أقابلك مرة أخرى يا آنسة كوهين.» كان وجهه يشي بالطيبة والصراحة، تزينه عينان دامعتان زرقاوان بلون أواخر الصيف.
صفحة غير معروفة