استغرق السيد سيداميت لحظة ليراجع الحساب في رأسه.
قال السيد سيداميت مخاطبا المتابعين للموقف، وكذلك أولئك المستغرقين فيه: «إنها على حق. ينبغي أن يكون الحساب مائة وخمسين قرشا. من فضلك يا لورنتيو، أعد إلى السيدة كوهين نقودها.»
هز لورنتيو منكبيه تعبيرا عن اعتذاره، ومد يده فأخرج عملة قيمتها نصف روبل وضعها على الطاولة، ولكن السيدة روكساندرا كانت في طريقها بالفعل إلى خارج المتجر.
قالت وهي تجذب إلينورا وسط الجمع: «أنا آسفة، هي لا تعرف عم تتحدث.»
كانت السماء لا تزال تهطل بشدة عندما غادرتا متجر السيد سيداميت، وقد غيمت السحب السماء، ووصل الطين الذي كسا الطريق حتى كاحليها، ولكن روكساندرا لم تكن في حالة مزاجية تسمح لها بملاحظة الأمطار، فقد أسرعت الخطى رافعة رأسها وحاملة أغراضها تحت إبطها، لا تعير الوحل أو إلينورا انتباها، ولم تلتفت للخلف قط، ولم تتفوه بكلمة حتى وصلتا إلى المنزل.
قالت روكساندرا وهي تصفق الباب بقوة هزت القطط الخزفية على قواعدها: «هذا ما عنيته بالتحديد، هذا بعينه ما قلت إنه سيحدث. من أجل هذا تحديدا قلت إنه لا بد من القضاء على هذه الدروس في مهدها. الآن سنصير حديث المدينة بأكملها، وآخر شيء نريده هو لفت المزيد من الأنظار إلينا؛ الأرمل وأخت زوجته العاقر اليهوديان يزاولان أنشطة تجارية مع الأتراك، والآن الابنة تجري الحسابات في ذهنها مصححة لعمال المتجر.» «لكن يا خالتي روكساندرا، ظننت فقط أن النقود ...»
قاطعتها روكساندرا مطلقة ضحكة عبر أنفها: «النقود! لتذهبي أنت ووالدك والنقود إلى الجحيم. سأخبرك شيئا واحدا فحسب أيتها الآنسة كوهين. لقد انتهت دروسك . لقد أخللت بالقاعدة؛ كانت ثمة قاعدة واحدة وأنت أخللت بها.»
اعترضت إلينورا وصوتها يرتعش: «لكنني لم أخل بالقاعدة؛ فأنا لم أتفوه بشيء عن دروسي.» «لقد أخللت بالقاعدة نصا وروحا. والآن اذهبي إلى غرفتك ولا تخرجي منها إلى أن أسمح لك بالخروج.»
عندما استيقظت إلينورا من نومها بعد مرور فترة غير معلومة من الوقت كانت مستلقية فوق لحافها، والوسادة فوق رأسها، وإبهامها لاصقة في سقف فمها. كان الطقس باردا والسماء بالخارج زرقاء لامعة. شعرت إلينورا كما لو كانت في عالم مختلف، أو على الأقل كما لو كانت شخصا آخر في العالم نفسه. وبعد أن أخرجت رأسها من تحت الوسادة، أخرجت إبهامها من فمها وابتلعت لعابها الجاف. وبينما هي في غرفة المعيشة، استطاعت أن تشم رائحة البطاطس المقلية وفطيرة اللحم المفروم، وتناهت إلى مسامعها ضحكات روكساندرا وصوت احتكاك المقاعد بالجدران. كانا يتحدثان، ولكنها لم تستطع أن تفسر تماما ما كانا يقولانه، ولكي تتمكن من السماع بمزيد من الوضوح، تسللت من فراشها وألصقت أذنها بالباب.
قالت روكساندرا: «والأهم أن هذا في مصلحتها. هل تذكر قصة عمتي الكبرى شايدل؟ لم أستطع أن أمنعها عن القراءة، وأمضت كل وقتها في المكتبة. وعندما حان وقت العثور على زوج، لم يردها أحد. فما كان من الخاطبة إلا أن عاملتها كمعاقة. أهذا ما تريده لها؟ أهذا ما تريده لابنتك؟»
صفحة غير معروفة