Regulative Principle : إنه شيء ما يمكن أن نبتغيه وندانيه. ومن الحق أنه كلما زاد تعزيز إحدى النظريات فمن المعقول أن نحزر بأننا نقترب من الحقيقة وندانيها. ويطلق بوبر على درجة اقتراب نظرية ما من الصدق اسم «مظهر الصدق»
Verisimilitude
الخاص بهذه النظرية. وهو يشتق فكرة مظهر الصدق من المحتوى المعلوماتي للنظرية: محتوى النظرية ن هو جميع تلك القضايا التي تلزم عن ن. ومحتوى ن يمكن إذن أن ينقسم إلى: «محتوى الصدق»
Truth Content (فئة جميع العبارات الصادقة التي تلزم عن ن)، و«محتوى الكذب»
Falsity Content (فئة جميع العبارات الكاذبة التي تلزم عن ن)، ومظهر صدق ن هو محتوى صدقها مطروحا منه محتوى كذبها. فإذا كنا نقارن بين ن1 ون2 فإن مظهر صدق ن2 يكون أكبر من مظهر صدق ن1 إذا كان محتوى صدقها أكبر من ن1 ولكن محتوى كذبها أقل، أو كان محتوى كذبها أقل ولكن محتوى صدقها أكبر. وبتعبير آخر، إذا كانت تترتب على ن2 عبارات صادقة أكثر من ن1 ولكن لا يترتب عليها عبارات كاذبة أكثر، إذن تكون ن2 أقرب إلى الصدق.
17
إذا كانت ن2 تلزم عنها جميع العبارات الصادقة التي تلزم عن ن1، وتلزم عنها بعض العبارات الصادقة التي لا تلزم عن ن1، ولا تلزم عنها عبارات كاذبة أكثر من ن1، فمن المعقول إذن أن نقول إن ن2 هي أقرب إلى الصدق من ن1؛ إن ن2 لديها مظهر صدق أكبر حتى لو كانت كاذبة. هكذا يمكننا عقليا أن نفضل ن2 على ن1 إذا كنا ننشد الحقيقة حتى لو كانت ن2 كاذبة، شريطة ألا يكون محتوى كذب ن2 كبيرا جدا.
ثمة صلة بين مظهر الصدق ودرجة التعزيز الخاصتين بنظرية ما، فإذا قارنا بين نظريتين من حيث درجة التعزيز ووجدنا أن جميع الاختبارات التي صمدت لها ن1 قد صمدت لها أيضا ن2، وأن ن2 قد صمدت لبعض الاختبارات التي لم تصمد لها ن1، وأن ن2 لم تفشل في اختبارات أكثر من الاختبارات التي فشلت فيها ن1، فمن المعقول إذن أن نفضل ن2 على ن1، ذلك أن بإمكاننا أن نحدس بأن ن2 لديها مظهر صدق أكبر؛ إنها أقرب إلى الحقيقة. إنها ستكون أكثر قابلية للاختبار من ن1؛ سيكون لها محتوى معلوماتي أكبر، ستخبرنا أكثر عن الحالة التي عليها العالم. ورغم أننا لم تتم لنا البرهنة على صدق ن2 (هناك احتمال حقا ما دمنا غير معصومين أن تكون كاذبة)، فإن بوسعنا أن نعرب عن تفضيلنا العقلي للنظرية ن2 بوصفها أشد تعزيزا من ن1، وأقرب منها إلى الصدق. النظرية ن2 أكثر قابلية للاختبار وتصمد لاختبارات أكثر مما تصمد لها ن1. (2-5) واقعية بوبر
من خلال تقبل بوبر لنظرية التطابق في الصدق، يمكن القول بأنه واقعي ميتافيزيقي
Metaphysical Realist ، أي أنه يرى أن نظرياتنا، إن صدقت، تشير إلى واقع مستقل عن الذهن ومستقل عن نظرياتنا. وعلى الرغم من ذلك، فهو لا يسمح لهذه الواقعية الميتافيزيقية أن تأخذنا بعيدا، أو أن تكون أكثر من «فكرة تنظيمية». فلا يزال علينا أن نقرر متى تكون نظرياتنا متطابقة مع الأشياء كما هي عليه بالفعل. ونحن لا يسعنا أن ننظر «من خارج» نظرياتنا إلى الواقع، ولا نملك إلا أن نعده واقعا ذلك الذي تخبرنا أفضل نظرياتنا، في ضوء النقد والاختبار الجاريين، أنه الواقع. ويذهب بوبر إلى أن من غير المحتمل أننا سنكتشف «الحقيقة» عن العالم أبدا. وبوبر مناوئ في العلم للنزعة الأداتية
صفحة غير معروفة