Vicious Circle .
8
والحق أن الاستدلال الاستقرائي لا يمكن أن يكون صحيحا إلا إذا افترضنا أن الاطرادات
Uniformities
التي شملت الحالات التي تمت ملاحظتها هي اطرادات سارية على الحالات التي لم نلاحظها. ولكن هذا الافتراض ليس حقيقة منطقية «قبلية»
a Priori
9
ينطوي إنكارها على تناقض، ولا هو افتراض تبرره التجربة. إنه في الحقيقة «قفزة إيمانية»، ليس لها سند في العقل المحض ولا في التجربة الحسية، ولا يمكن تبريرها دون دور منطقي ظاهر.
هكذا يرفض بوبر الاستقراء، فالاستقراء عنده ليس منهجا مثمرا لصياغة نظريات علمية ولا هو منطق قويم لتبرير النظريات. وهو يزعم أنه قد حل مشكلة الاستقراء، ولكنه لم يحلها بتبرير الاستقراء، بل بطرح منهج علمي بديل عنه، ولكنه يؤدي نفس المهمة التي يؤديها الاستقراء من حيث إنه يتيح لنا أن نفضل نظرية على أخرى بناء على أسس تجريبية. وبوبر في ذلك ملتزم بعد بالمبدأ التجريبي القائل بأن الملاحظة والتجربة هما المحك الوحيد لقبول النظريات العلمية أو لرفضها، ومثل هذه القرارات لا يمكن تبريرها بشكل «قبلي» (أي سابق على التجربة )
a Priori . هكذا نكون قد نفذنا إلى لب فلسفة بوبر؛ أي الفكرة القائلة بأن ما يميز العلم عن اللاعلم ليس هو الاستقراء كمنهج أو كمنطق تبريري، بل إن العلم يتكون من نظريات تتصف في آن واحد بأنها متسقة ذاتيا وبأنها يمكن، من حيث المبدأ، أن تكذب أو تدحض.
صفحة غير معروفة