============================================================
من نفسه - شبهة تشتبه بها الواقعة التي من عند الله تعالى تزول هذه الشبهة بطريق مراجعة الشيخ، فإنه يعرف الفرق بين ما هو من النفس وبين ما هو
من عند الله، ويكتسب المريد بتعريف الشيخ له علما بصحة الوقائع والكشوف في المستقبل، ولا يعلم ذلك الآن لضيق علمه، فالمريد لعله في واقعته تخالطه ارادة كامنة في نفسه فتشتبه تلك الإرادة الكامنة بالكشف الصحيح سواء كان في المنام أم في اليقظة.
ولهذا الاشتباه سر عجيث. وذلك أن النفس عند غلبة إرادة شيء عليها تستخرج الضور الخيالية وتجعلها كالحاصلة عند المريد لشدة شغفها بمطالبها، وهذا في المنام كثير وقد يقع في اليقظة إذا غلبت على النفس شدة الشغف بذلك الأمر واستغرقت فيه.
تداخل الأحوال والمقامات: ومما ينبغي أن تعرفه أيها الطالب الراغب تداخل الأحوال والمقامات، وهو إنه مايتم للسالك مقام إلا بنازل حال مما قبله، فلا يوجد مقام إلا قبل سابقة حال، وذلك مثلا مثل حال الرضى، فإنه ابتهاج القلب بكل حلو ومر، ولا يزال يتردد نازل ذلك الحال وهو رؤية كمال أفعال الحق ورحمته، ثم يعارض طبع النفس إلى خلافها عند محالفة هواها حتى تدرك السالك معونة الله تعالى فيظهر على الرضا ويصير ذلك مقامه، فالسالك بالأحوال يرتقي إلى المقامات فالأحوال لكونها مواهب حقانية صارت أسبابا لفعل الحق في ترك السالك بالأحوال إلى المقامات، إذ يصح كون بعض أفعال الحق سببا للبعض، كالتمريض للإماتة وانزال المطر لإنبات الشجر وكالاسترسال في المعاصي يترتب عليه الانتقام والتعذيب، وإن كان الكل لله بالخلقة وأفعاله تعالى غير معللة لكن بعضها علامات للبعض الآخر، كما أن الصحة علامة للبقاء:
صفحة ٩٨