============================================================
الله تعالى، وفي المخالطة مع الممازحة الكثيرة من غير عود إلى خلوة لقلة معرفتهم بصفات النفس، وأن من شآنها الظهور بآدنى ثوين يوافق هواها واغترارهم بيسيي من الموهبة، ولم يعلموا آن حفظها صعب مع هذا الاسترسال بل محال في حق الأكثر، وهذه القلة بمعرفة صفات النفس والاغترار لقلة تأدبهم بالشيوخ الكاملين المكملين من السلف فتوهموا أن النفس لما فنيت هلكت بالكلية وانعدمت من أصلها وليس كذلك، بل هو عدم شعور بها وإلا فهي باقية في الباطن، فلا بد من سياستها فلا يخليها عن ما ذكرنا إلا لفائدة تقوم مقامه كما قال الجنيد تفع الله به لأصحابه: لو علمت أن صلاة ركعتين أفضل لي من الجلوس معكم ما جلست عندكم، فالجلوس إتما يحسن بقدر ما يفيد الإرشاد الذي هو أفضل من النوافل، "لثن يهدي الله بك رجلا واحذا خير لك من خمر النعم (1)". قاله لعلي كرم الله وجهه، فإذا لم يكن للارشاد فلا معنى له.
الفترة وكيفية التعامل معها: وإذا كان كذلك فإذا رأى الفضل في الخلوة لكون الجلوة للفضول تخلى، وإذا رأى الفضل في الجلوس لكونه للإرشاد يجلس مع الأصحاب الذين هم إخوانه في الطريق، وإذا رآى الفضل في المخلوة والجلوة فتكون الجلوة حامية للخلوة عن الملل لإفادتها نشاطا يعود به إلى الخلوة على أكمل ما يكون من الشوق إليها، وخلوته مزيذا لجلوته أي لفائدة الجلوة من الإرشاد لاستصحاب نور الخلوة وفي هذا سي، وذلك أن الآدمي ذو تركيب (1) حمر النعم: هي الإبل ذات اللون الأحمر وكانت أنفس الأموال عند العرب.
والحديث أخرجه البخاري (9، 30) في كتاب الجهاد والسير باب فضل من أسلم على يديه رجل، ومسلم في (2406) في كتاب فضائل الصحابة باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
صفحة ٩٢