============================================================
لكل ذكر تنوير خاص: واعلم إنه لما كان لكل ذكر تنوير خاص اختار للسالك جمع من العارفين نفع الله بهم من الذكر ذكرا يخمع خواص سائر الأذكار وهو كلمة لا إله إلا الله إذ لها خاصية عظيمة في تنوير الباطن بتجلي الوحدة الإلهية بالتوحيد الخاص الذي هو المقصد الأعلى الذي ليس وراءه مرمى لرام ولا مرقاة لراق، وإن كان عن وجوه يتفاوت إلى صاف وأصفى إلى ما لا نهاية، فلا يزال السالك يردد هذه الكلمة على لساته مع مواطئة القلب، إذ بدون مواطئة ليس لها تأثير يغتد به، وإن كان لا يخلو عن فائدة. ولا يقتصر على ذكر القلب من أول الأمر، لأن لها توجها إلى عالم الشهادة ويشغله ذلك عن الذكر المتمحض الذي به التوجه إلى العالم الأعلى، فإذا صادف عالم الشهادة متوجها إليه كمل توجهه إلى العالم الأعلى، حتى إنه ينقطع عن عالم الشهادة بالكلية، وحينيذ تصير الكلمة متأصلة في القلب راسخة فيه، فإذا اتصلت فيه أحالت حديث النفس عنه، لأن نوريتها تذهب بظلمة النفس فينوب معناها في القلب عن كل حديث النفس نيابة نور النهار عن ظلمة الليل، فإذا غلب تنور القلب بها أدرك جمالها فتغلب عليه لذاتها فتستولي الكلمة على القلب ويسري أثر ذلك إلى الظاهر حتى تسهل الكلمة على اللسان فينطق بها من غير كلفة. وحينيذ يتشربها القلب ويجد ذوقها فلا يكاد يتركها وإن ترك اللسان، ثم إنه ينقش الذكر في القلب ويصير جوهر القلب متلون بلونه، فيصير القلب كأنه الذكر والذكر كأنه القلب، وبتجوهر الكلمة في القلب يستكن نور اليقين في القلب، لأن هذا النور كأنه من عوارض الكلمة إذا تجوهرت، والجواهر لا تذهب بذهاب ضورها فإذا ذهبث
صفحة ٧٢