عناية المسلمين باللغة العربية خدمة للقرآن الكريم - سليمان بن إبراهيم بن محمد العايد
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
تصانيف
و"تخرّج به جماعة في القراءات والعربية والأصول" (١) . "ولم أشاهد أحدًا في القراءات مثله" (٢)، ومثل هذا في ترجمة محمد بن أحمد بن بضحان (٣)، وكان إحكام العربيّة مدعاةً لحذقِ الفَنّ وعلم القراءة، كما جاء في ترجمة محمد بن أيُّوبَ (ت ٧٠٥ هـ) الذي قيل عنه "أقرأ الناس دهرًا، وأحكم العربية، وشارك في اللُّغة وكان حاذقًا بالفنّ عليمًا بالحلّ لحرز الأمانيّ" (٤) . وقد وصف يوسفَ بن إبراهيم بإحكام العربيّة (٥) .
وكان القرّاء سابقًا يبذلون ما يملكونه في سبيل إتقان العربيّة، قال خلف بن هشام (١٥٠ - ٢٢٩ هـ: "أشكل عليّ بابٌ من النحو، فأنفقت ثمانيةَ آلاف درهمٍ، حتّى حذقته" (٦) . وكانوا يعنون بمعرفة من أخذ عنهم القارئ علم العربية، النحو، واللغة، والأدب، والمعاني، وقد مَرَّ ما يشهد لهذا في النصوص المنقولة آنفًا.
والتميُّز في علوم العربية مدعاة الاستقلال والانفراد بقراءة، ومدعاة للاجتهاد في الاختيار "قيل: إنّ ورشًا لمّا تعمَّق في النحو اتّخذ لنفسِه مقرأَ ورشٍ، فلمّا جئت [القائل أبو يعقوب الأزرق] لأقرأ عليه قلت له يا أبا سعيد: إنِّي أُحِبُّ أن تقرئني مقرأ نافع خالصًا، وتدعني ممّا استحسنْتَ لنفسك، فقلَّدته مقرأ نافع" (٧) . ويظهر ممّا أوردناه من نصوصٍ أنهم ما كانوا يقنعون
_________
(١) السابق ص ٥٩٠.
(٢) السابق ص ٥٩٠.
(٣) السابق ص ٥٩٢.
(٤) السابق ص ٥٧٥.
(٥) السابق ص ٥٤.
(٦) السابق ص ١٧٢.
(٧) السابق ص ١٥٠.
1 / 31