عناية المسلمين باللغة العربية خدمة للقرآن الكريم - سليمان بن إبراهيم بن محمد العايد
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
تصانيف
فلمّا كان كذلك راضَ الناسُ أنْفُسَهم بتعلُّم العربيّة، ولم يجدوا إلى ذلك سبيلًا أوضح من الشعر، فحفظوا دواوين الشعراء، وأحكموها ... " (١) .
وقد سبق أبو حاتم إلى تقرير الاحتجاج، وأورد قِصَّة ابن عبّاسٍ مع نافع بن الأزرق، فقال: «وقد احتجَّ العلماء من الصحابة والتابعين، ومن بعدهم من الفقهاء في غريب القرآن والحديث بالشعر، وقد رُوِيَ ذلك عنهم، روى أبو عُبيدةَ بإسنادٍ له عن عكرمة، قال: رأيْتُ ابْنَ عبّاسٍ وعنده نافعٍ ابن الأزرق، وهو يسأله، ويطلب منه الاحتجاجَ باللُّغة، فسأله عن قول الله ﷿ ﴿وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ﴾ [الانشقاق: ١٧]، فقال: وما جمع، ألم تسمع:
مُسْتَوْسِقاتٍ لو يَجِدْن سائقًا
قال: وسأله عن قوله: ﴿قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا﴾ [مريم: ٢٤] فقال: هو الجدول، فسأله عن الشاهد، فأنشده:
سلمًا ترى الدّالج منه أْزَوَرا ... إذا يَمُجُّ في السَّرِيِّ هَرْهرا
وسأله عن قوله: ﴿عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ﴾ [القلم: ١٣] قال: هو الدَّعِيُّ المُلْصَقُ، أَما سمعْتَ قولَ حَسَّان:
زنيمٌ تداعاه الرِّجال زيادةً ... كما زيد في عرض الأديم الأكارِعُ
وروي عن أبي عبيدة أنّه سأله عن قول الله تعالى ﴿وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ﴾ [القيامة: ٢٩] فقال: الشِّدَّة بالشِّدَّة، فسأله عن الشاهد، فأنشده:
أخو الحربِ إنْ عَضَّتْ به الحَرْبُ عَضَّها ... وإن شَمَّرتْ عن ساقها الحربُ شَمَّرا
_________
(١) السابق ص ١٢٤ - ١٢٥.
1 / 16