العناية بالقرآن الكريم في العهد النبوي الشريف
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
تصانيف
قلت: ولا شك أن عدد الصحابة القراء يفوق ما ذكر أضعافًا مضاعفة فقد ذكر أن سبعين من القراء قتلوا في معركة واحدة وهي اليمامة. وذِكْرُ هذه الأعداد الكبيرة من الصحابة القراء يدل على شدة اهتمامهم بكتاب ربهم في عهد النبي ﷺ، ولا يتعارض هذا العدد الكبير مع حديث الرسول ﷺ الذي سبق ذكره ألا وهو:" خذوا القرآن من أربعة" فقد يكون هؤلاء أشد حذقًا وإتقانًا للقراءة من غيرهم وقد يكونون حفاظًا عن ظهر قلب بالإضافة إلى إتقانهم القراءة ولهذا حق لهم أن يكونوا من أشهر الصحابة في الإقراء وشرفوا بنص الرسول ﷺ عليهم.
وقد ثبت عنه ﷺ أن قرأ سورة ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾ على أبي بن كعب ﵁. ففي الحديث المتفق عليه عن أنس بن مالك ﵁: قال النبي ﷺ لأبيِّ: إن الله أمرني أن أقرأ عليك: ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾ قال: وسمَّاني؟ قال: "نعم"، قال فبكى١.وثبت عنه ﷺ أنه قال لعبد الله ابن مسعود ﵁: " اقرأ علىَّ القرآن" ٢.وكذلك ثبت عنه ﷺ أنه استمع إلى قراءة أبي موسى الأشعري فأعجب بها ومدحها. وثبت عنه أنه ﷺ أنه قال في مرضه الذي مات فيه: "مروا أبا بكر فليصلِّ
_________
١ أخرجه البخاري برقم ٤٦٥٩ ومسلم برقم ٧٩٩.
٢ سبق تخريجه.
1 / 40