السنة والشرع ، ( وابن السبيل ) والجوارح المطيعة لله.
وقال الأستاذ في قوله ( والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب ) من جيرانك ملكان ، فلا تؤذيهما بعصيانك ، وراع حقهما بما يصل إليهما من إحسانك.
( الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا (37) والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا (38) وما ذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله وكان الله بهم عليما (39) إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما (40))
قوله تعالى : ( الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ) من عرف الله وشاهد صفاته وبدا له حقائق المحبة ، ولم يطق أن يبذل نفسه لله وفي الله ، فهو بخيل ، ولم يذق حلاوة المحبة بحقائقها ، ومن كشف الله له أحكام الملكوت ، ولا يذكرها عند المشتاقين إلى لقائه ، فهو بخيل ، ومنع الأساتذة والمشايخ عن بيان حقائق طريق الله عن المريدين ، فهو معاتب بهذه الآية ، وتصديق ما ذكرناه قوله سبحانه وتعالى : ( ويكتمون ما آتاهم الله من فضله ) فضله : معرفته ومحبته ، ورؤية نوال قربه ولطف بره.
قيل : الذين يمنون بالعطاء ، ويطلبون من الناس الثناء عليهم.
قال ابن عطاء في قوله : ( ويكتمون ما آتاهم الله من فضله ): من البراهين الصادقة.
وقال بعضهم : لا يشكرون نعمة العافية عليهم.
( إن الله لا يظلم مثقال ذرة ) أخبر عن تنزيه جلاله وتنزيه نواله عن النقص على المحسنين ، وبشر في تضعيف الآية الذين يظنون أعمالهم الصالحة لا تقع موقع القبول ، ولا يجدون ثوابها بأنه تعالى يثيبهم على ذلك بأحسن ما يحبون منه ؛ لأن علمه تعالى محيط بما كان وما سيكون ، لا يعزب عن علمه مثقال ذرة من العرش إلى الثرى ، لا ينقص ثواب الصادقين ، وإن كان أقل من ذرة ؛ لأنه خالق ذلك ، وكيف يخفى عليه ذلك ، وهذا إخبار عن كمال علمه وقدرته جميع المخلوقات ، وفيه إذا كان المرء مسيئا فتاب هو تعالى يبدل سيئته حسنة ، فكيف إن كان محسنا؟ فهو يقبل الحسنة منه ، ويثيبه بها بعشرات أمثالها ، وأن يعطيه جميع درجات الجنان بلا حسنة ، فهو أهل له ؛ لأنه أهل التقوى وأهل المغفرة.
والحسنة ههنا توحيد الله ، وإذا كان صادقا مخلصا في ذلك فدرجاته مضاعفة على درجات غيره من العامة ، ثم أخبر أنه تعالى يتفضل على عبده الصادق بلا سبب من عند كرمه
صفحة ٢٤٨