97

عقلي وعقلك

تصانيف

والحياة الجنسية الصالحة يجب أن يكون هدفها الزواج السعيد، وهذا الزواج يحتاج إلى أن ينشأ على المساواة بين الجنسين، وإلى أن يحس الزوجان أنهما متكافئان، وكل هذا يستدعي إشعار الأطفال بالمساواة والتكافؤ منذ السنين الأولى من العمر، لا فرق بين طفل وطفلة، ويجب أن يكون التعليم لهذا السبب مشتركا في جميع المراحل تقريبا، ويحتاج إلى أن تكون وجهة الحياة للمرأة كوجهتها للرجل سواء، ليس هذا للكسب والعمل وتلك للبيت والمطبخ؛ لأن الغاية الأولى لكل منهما يجب أن تكون تكوين الشخصية وترقيتها.

ويجب ألا يتعود الشاب عادة جنسية سيئة؛ لأن مثل هذه العادات تثبت ويشق الإقلاع عنها بعد ذلك في الزواج؛ ومن هنا الضرر الفادح من البغاء؛ لأن الشاب لا يتعارف بالبغي ولكنه يفسق بها، وهو بهذا يفسق بغريزته الجنسية وبالحب وبجنس النساء عامة.

والتعارف الجنسي يجري بين الآدميين وجها لوجه، وليس كما هو بين الحيوانات وجها لظهر، ويجب أن يكون في هذا الوضع البشري الخاص عبرة للمساواة والتكافؤ، وأن التعارف الجنسي ليس شهوة نارية، وإنهما هو تحاب ومؤانسة ومساواة وتعاون.

وكي نسعد بالحياة الجنسية والمعيشة الزوجية يجب أن: (1)

نتعلم فن الحب والتعارف الجنسي، فكما أن المائدة ليست لالتهام الطعام فقط؛ بل للمؤانسة والمباسطة، كذلك يجب ألا يكون الحب شهوة فائرة سرعان ما تنطفئ، فلهذا يجب أن يكون أساس التعارف الجنسي التعاون، هذا التعاون الذي لا يمكن مجتمعا صغيرا كالعائلة أو كبيرا كالأمة أن يعيش بدونه إلا مع الضرر العظيم. (2)

يجب أن يبتعد الزوج عن اعتبار الزواج كأنه مسرة له خاصة، ويجب ألا يمارس أي عمل من شأنه أن يؤدي إلى هذا. (3)

يجب أن يتجنب المباراة بينه وبين زوجته، ونعني المباراة بأنواعها المختلفة في أولوية الرأي أو غير ذلك؛ لأن الزواج تعاون وزمالة بين متكافئين، وليس شركة بين رئيس ومرءوس. (4)

يمكن أن يكون الحب ثمرة الزواج وليس سببا للزواج، وعندئذ يصير الحب كالصداقة ينمو ويزداد؛ أي: يجب عندما يختار الشاب خطيبته ألا يتساءل: هل أنا أحبها الآن؟ بل يسأل أيضا: هل أستطيع أن أحبها بعد سنتين ويزداد حبي لها أم يتناقص ؟

الحياة الاجتماعية والحياة الحرفية

يحدث لنا المجتمع الذي نعيش فيه عادات تقارب أو تشبه الغرائز الطبيعية، وأغلب الظن أن الإنسان ليس اجتماعيا بفطرته؛ أي إنه لم يكن وقت بداوته يعيش جماعات كما نرى في جماعات البقر والجاموس والفيلة والغزلان، ولكنه تطبع بالاجتماع عقب الزراعة أو قبل ذلك بقليل؛ ولذلك فإننا نتألم من مخالفة العادات الاجتماعية واعتقادنا بأن المجتمع يحتقرنا، بل أحيانا تصير العادة الاجتماعية - كما قلنا - قريبة جدا من الغريزة الطبيعية، حتى إننا لنشمئز أو ننفر من المخالفين لعاداتنا، أو نقاتلهم إلى الموت، وليس التعصب الديني مثلا سوى عادة اجتماعية انقلبت إلى عقيدة تشبه الغريزة.

صفحة غير معروفة