82

عقلي وعقلك

تصانيف

ثم آخر - فتاة مثلا - تخشى أن تفوتها سن الزواج، لأن الخاطبين يطلبون فتاة ثرية وهي فقيرة. (4)

ثم آخر، قد نكبه الزمن بزوجة مسرفة، فهو مهما جد لا يستطيع أن يسدد مطالبها، وهي دائمة التقريع له على تخلفه، تضرب له الأمثال عن غيره الذين ينجحون ويقتنون لزوجاتهم إلخ.

ففي كل هذه الحالات نجد أمراضا نفسية تعود إلى المجتمع الذي نعيش فيه، هذا المجتمع الذي يطالبنا بالمباراة، ولا يؤمننا من الفاقة والمرض.

العاطفة والوجدان

نستطيع بعد أن بلغنا هذه المرحلة من الكتاب أن نعود إلى هذا الموضوع بزيادة في التوسع.

فنحن البشر نواجه هذه الدنيا بثلاثة رجوع تؤدي إلى التفاهم بيننا وبين الوسط: (1)

الرجع الانعكاسي: كالضوء يفاجئني بعد الظلام فأغمض عيني، أو النار تلامس يدي فأجذبها، فهنا رجع يحملني على تصرف معين هو الإحجام أو الهرب، كما أني أرى الطعام وأنا جائع فيجري لعابي، فهنا استجابة تحملني على الاقتراب والأكل.

وهذا الرجع قد يكون مباشرا أو معدولا؛ أي: مكيفا، قد نقل من أصله إلى شيء آخر يتصل بالأصل، ونحن في هذا الرجع المباشر نشترك مع أحط الحيوانات كالإسفنج، ولكننا نمتاز بأننا - وبعض الحيوانات العليا - نستطيع نقله من أصله كالجرس يدق فيجري لعاب الكلب لأنه تعود وضع الطعام له مع دق الجرس، فصار الدق وحده يجري لعابه ويذكره بالطعام.

وهناك السيكلوجيين، مثل بافلوف وواطسون، من يقول: إن كل نشاطنا الذهني (النفسي) هو رجوع معدولة؛ أي: مكيفة، ولكن هذا القول يعني في النهاية أن كل تفكيرنا إنما هو ذاكرة لا أكثر. (2)

ثم هناك الرجل العاطفي حين اشمئز من منظر يغثي النفس في الشارع، وهناك الاستجابة العاطفية حين أدخل الدار السينمائية وألتذ برؤية الاقتحامات والأشخاص.

صفحة غير معروفة