75

عقلي وعقلك

تصانيف

وكذلك قد يفسد الطفل لأنه مضطهد؛ إما لأن زوجة أبيه تؤثر أبناءها عليه، وإما لأن أمه لا تحبه كما تحب إخوته، وهذا الاضطهاد العائلي يحمله بعد ذلك على كراهة الناس والتوجس منهم، وتلك الحيل التي كان يمارسها وهو طفل كي يحصل على حقه في وسط غير ودي تحيا معه، فيعامل بها المجتمع فيسيء إليه ويساء إليه، ولهذا السبب نجد أنه من حق كل طفل: (1)

أن يكون له أبوان صديقان. (2)

وألا يجد بينهما شجارا أو انفصالا. (3)

وأن يكون كل منهما شخصا فاضلا. (4)

وألا يجد منهما أو من أحدهما تدليلا أو اضطهادا.

وهذه بالطبع هي الحال المثلى التي قلما نبلغها، ولكن يجب أن ننشدها حتى يهنأ الأطفال بطفولتهم، وحتى ينشئوا مطمئنين إلى المجتمع.

وهناك أثر سيكلوجي للعائلة في الزوج؛ أي: الأب، هو تكبير شخصيته بالمسئولية العائلية وحمله على اهتمامات اجتماعية وأخلاقية ما كان ليليها لولا الارتباط العائلي؛ فإن مسئوليته لزوجته وأولاده تحمله على الاستقامة والشرف والحذر والأمانة، وقل أن تجد زوجا له أولاد يفكر في الانتحار، وقليل من الأزواج من يميل إلى الإجرام.

وكذلك هناك أثر سيكلوجي للعائلة في الزوجة؛ أي: الأم؛ لأنها تجد الكرامة الاجتماعية بالزواج، وتكبر شخصيتها بتربية الأولاد وتحمل المسئوليات لهم، وهم - قبل كل شيء - منفذ عاطفي لها، كثيرا ما نعرف قيمته في أولئك العوانس اللاتي يشكون نيوروزا لانسداد عاطفة الأمومة عندهن لأنهن لم يتزوجن.

والمجتمع الحسن هو ذلك الذي ييسر تكوين العائلات وتربية الأطفال في بيوت جميلة مزودة بوسائل الراحة حتى لا يتشتت أعضاء البيت، ومناخنا في مصر بحره لا يجمع أعضاء العائلة كما يجمعهم الجو الأوروبي البارد حول المدفأة للاصطلاء؛ فإن هذه المدفأة وسيلة للاجتماع العائلي الذي لا نعرفه في مصر.

وفي أوروبا تبنى المنازل الحسنة الرخيصة للعائلات، كما يربى الأطفال بالمجان، ونظام الضرائب يتيح للعائلة المتوسطة أن تعيش في رفاهية، بل يتيح ذلك أيضا لعائلات العمال، وكل ذلك تشجيعا لتكوين العائلة التي تعد نواة المجتمع، وليس الطلاق مباحا للزوجين إلا بعد الاقتناع التام بأن اشتراكهما في المعيشة قد أصبح محالا، وأن انفصالهما خير للأطفال من بقائهما، والطلاق في مصر هو الكارثة التي يجني الأطفال ثمرتها المرة في فوضى حياتهم.

صفحة غير معروفة