73

عقلي وعقلك

تصانيف

وهو الذي يحاول جهد المستطاع أن يعالج الأخلاق والاقتصاد والسياسة بالروح العلمي الموضوعي (الوجداني) الذي نعالج به الإنتاج الصناعي أو الزراعي أو المخترعات في القطر المتمدن، وكما أن الاختراع لا يرتقي بالتزام التقاليد، كذلك الأخلاق والاجتماع لا يرتقيان بالتزام التقاليد. (6)

وهو الذي يجعل التعاون يأخذ مكان المباراة في أسلوب الكسب والعيش، حتى يقل الكظم من التحاسد والغيرة والمطامع. (7)

ولكنه - مع أنه يجعل مصلحة المجتمع هي العليا - لا ينسى أن غاية المجتمع الأمثل في النهاية هي إيجاد الشخصية المثلى للفرد. (8)

وبكلمة عامة نقول: إن المجتمع الأمثل هو الذي يجعل الذكاء الوجداني الموضوعي التعقلي فوق العواطف الذاتية؛ لأن الذكاء ارتقائي يطلب التغيير، أما العاطفة فراسخة جامدة.

العائلة البشرية

إذا كان مجتمعنا هو ثمرة العوامل الاقتصادية التي جمعت أفراده برعاية الماشية أولا، ثم بالزراعة والصناعة وبناء المدن والقرى ثانيا؛ فإن العائلة تعود إلى أصل طبيعي؛ أي: لو لم نكن نعيش في مجتمع لعشنا في عائلة كما يفعل إلى الآن ذكر الغوريلا مع أنثاه وأولاده، ذلك أن العائلة تعود إلى الرغبة الجنسية أي: العلاقة الفسيولوجية التي تحمل أحد الجنسين على طلب الآخر، ثم وجود الأولاد والتصاقهم بأمهم، والمجتمع البشري هو في النهاية ثمرة هذا المجتمع العائلي؛ أي إن الأولاد الذين يرتبطون بالأم، أو الأم والأب معا، يبقون على هذا الارتباط حتى بعد وفاة أبويهم، ولكن هنا نجد البذرة فقط، أما شجرة المجتمع فنمت بعد ذلك بالعوامل الاقتصادية حين احتاج الإنسان إلى الاجتماع للصيد، ثم إلى الاحتماء من الضواري التي كانت تفترس ماشيته مدة الرعاية، ثم احتاج بعد ذلك إلى الاحتماء من الغاصبين مدة الزراعة.

وفي مجتمعنا الحاضر تعد العائلة أساس المجتمع؛ لأنها تغرس فينا عواطف وتعين لنا اتجاهات مختلفة حين نكون في سن نتقبل فيها هذه العواطف والاتجاهات بلا معارضة؛ لأن العقل الوجداني لم يكن قد اكتمل نموه، وللعائلة أثر في الأولاد وفي الأم وفي الأب.

ولكن يجب أن نوضح هنا أن كلمة عائلة في مجتمعنا من الكلمات المسيبة المائعة.

فالرجل مع زوجته وأولاده يكونون عائلة.

والرجل مع زوجته وأولاده وأمه يكونون عائلة.

صفحة غير معروفة