والانبساطي سريع التعبير عن عواطفه، يحب المجتمعات، ويأنس إلى الناس، ويقدر أطايب المائدة، ويحب الشراب والطعام والمؤانسة وإخوان الانشراح، وهو متحدث يحفظ النكات والفكاهات، ويضحك في صراحة ولذة، وهو يغضب بسرعة، ولكنه أيضا ينسى غضبه بسرعة، وهو محبوب يوصف بين الناس بأن «قلبه طيب»، بخلاف الانطوائي الكتوم الحقود، ولكن الانبساطي على ميله إلى الابتهاج والانشراح تنتابه أحيانا موجة من الحزن أو الجمود، فهو يعيش في فترات، فترة للفرح وأخرى للكآبة، ولكنه في أكثر حياته اجتماعي باسم للدنيا.
ويمكن أن يقال: إن زهرة حياة الانبساطي تتفتح إلى الخارج، وأصدقاؤه كثيرون، وهو مسامر مختلط متوسع ينجح في الحب كما ينجح في التجارة والمال، ويترقى في الوظائف بسرعة؛ لأنه مبسوط النفس «واليد» ولا يكظم عاطفته، ولذلك يضحك ويبكي بسهولة، إذا شرب خمرا آثر شربها مع آخرين، في حين أن الانطوائي يشربها وحده، واتجاهه في الحياة إيجابي، يقول: نعم لكل ما فيها من أطايب ويقبل عليها، أما الانطوائي فيشيح عنها ويجتر نفسه، والمرض النفسي للانبساطي هو المانيا، مرض الحزن الشديد ثم الفرح الشديد، والانبساطي إذا غضب فار ثم انطفأ، والانطوائي إذا غضب كتم وحقد، ودموع الانبساطي تنهمر في حين تجمد عين الانطوائي حتى لا يكاد يعرف ما هو البكاء، ونباح الانبساطي أكثر من عضه، ولكن عض الانطوائي أكثر من نباحه، بل هو لا ينبح.
الانطوائي يقابل الأشياء والناس بالتعقل، والانبساطي يقابلهم بالانفعال.
ويمكن أن يقال على وجه عام: إن الإنجليز انطوائيون، والفرنسيون انبساطيون، وإن الأوروبي انطوائي، والصيني انبساطي، والرجل على وجه عام انطوائي، في حين أن المرأة على وجه عام انبساطية، هو يفكر في المبادئ والمذاهب أكثر منها، وهو يتنكر للمجتمع أكثر منها، وهي لا تبالي المذاهب والمبادئ، ولكنها تلصق بالمجتمع وتكبر من شأن القيم الاجتماعية. (3)
والطراز الرياضي يتسم بنمو العظام، ولكن بدون استكراش أو ترهل، وهو يقبل على الألعاب الرياضية ويحب الحياة العسكرية، وله رغبة في العدوان، يحب أن يحل مشكلاته أحيانا بقوة ذراعيه، وهو يؤثر حياة العمل والحركة على حياة التأمل والسكون، وهو ينجح في التجارة المتحركة، ولكنه لا يحسن القعدة في غرفة لإدارة عمل، ورؤساء الأعمال والمفتشون يكونون من هذا الطراز، والرياضي اجتماعي مثل الانبساطي يكبر من شأن القيم الاجتماعية .
وليس في الناس شخص انطوائي مائة في المائة، أو انبساطي مائة في المائة، أو رياضي مائة في المائة؛ إذ لو انقسم الناس مثل هذا الانقسام لما تفاهموا؛ لأن كل شخص يعود غريبا عن الآخر، وإنما كل منا يحوي عناصر من الطرازين الآخرين إلى جنب عنصره الأصلي الذي يمتاز به، انظر إلى هؤلاء الثلاثة:
هتلر:
رياضي انطوائي: يحب العدوان ويتعامى عن الواقع؛ لأنه يندفع في مبادئ يؤمن بها في تعصب.
تشرشل:
انبساطي عظيم يحب التدخين الفاخر والإمبراطورية ويقول: إن ميثاق الأطلنتي لا ينطبق على الهند؛ لأنه يعد الهند مسرحا للملذات.
صفحة غير معروفة