بعض هذه الأغراض التي تحتوي نقوشا هي مجرد جعارين وأختام صغيرة، لكن أحدها عبارة عن إناء؛ وكلها عليها خراطيش للفرعون أو لزوجته. أهم هذه الأغراض هي العدد الكبير من شدف من لوحات ذات وجهين مصنوعة من الخزف، وهي مادة وسط بين الفخار والزجاج، والتي عثر عليها في ميسيناي، التي ربما كانت المدينة الرائدة في اليونان في القرن الرابع عشر قبل الميلاد. مصدر هذه الشدف، التي يوجد منها اثنتا عشرة قطعة على الأقل، هو ما مجموعه تسع أو أكثر من اللوحات الأصلية، التي تبلغ كل منها نحو ست إلى ثماني بوصات طولا ونحو أربع بوصات عرضا، وأقل من بوصة سمكا. وكلها كان عليها ألقاب أمنحتب الثالث منقوشة عليها بلون أسود، ومكتوب على كلا جانبيها: «الإله الطيب، نب ماعت رع، ابن الشمس، أمنحتب، أمير طيبة، معطي الحياة.»
6
يشير علماء المصريات إلى هذه اللوحات بأنها لوحات ودائع الأساس. وهي توجد عادة، على الأقل في مصر، موضوعة في ودائع خاصة تحت المعابد، أو، أحيانا، تحت تماثيل الملك .
7
وهي تؤدي دورا يشبه بقدر كبير دور الكبسولات في ثقافتنا الحالية، وهكذا كان دور الودائع منذ العصر البرونزي المبكر في بلاد الرافدين. كان الغرض المفترض منها هو ضمان معرفة الآلهة والأجيال القادمة بهوية وكرم المتبرع/المنشئ، وتاريخ الانتهاء من إنشاء المبنى، أو التمثال، أو أي بناء آخر.
ما يجعل هذه اللوحات في ميسيناي متفردة هو ببساطة أنها لا مثيل لها في منطقة إيجه. في الواقع، هي موجودة حصريا في ميسيناي وحدها، من بين كل الأماكن في منطقة البحر المتوسط القديمة بأكملها؛ إذ لم يعثر قط على لوحات من الخزف كهذه عليها اسم أمنحتب الثالث في أي مكان آخر خارج مصر. يرجع تاريخ عثور أثريين يونانيين على أول شدف في ميسيناي ونشرهم لهذا الاكتشاف إلى أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، واعتقد حينئذ أنها مصنوعة من «البورسلين»، ولم يكن اسم أمنحتب الثالث بعد معروفا ولا كانت رموزه قد فكت على نحو واضح. اكتشف المزيد على مر السنين، بما في ذلك بعض الشدف التي اكتشفها عالم الآثار البريطاني البارز اللورد ويليام تايلور داخل مركز العبادة في ميسيناي. اكتشفت أحدث شدفة منذ أعوام قليلة فقط؛ حيث كانت موجودة في موضع عميق داخل بئر في ميسيناي، واكتشفها كيم شيلتون عالم الآثار في جامعة كاليفورنيا في بيركلي.
لم يعثر على أي من الشدف في سياقها الأصلي في ميسيناي. بعبارة أخرى، ليس لدينا أي فكرة عن الكيفية التي كانت في الأصل تستخدم بها في الموقع، لكن مجرد وجودها في ميسيناي، وليس في أي مكان آخر في العالم، يدل على احتمال وجود علاقة خاصة بين هذا الموقع ومصر أثناء زمن أمنحتب الثالث، ولا سيما وأن ميسيناي هي المكان الذي عثر فيه أيضا على إناء أمنحتب الثالث، بالإضافة إلى جعرانين لزوجته الملكة تيي. وبالنظر إلى أن هذه المنطقة كانت على حدود، بل وأطراف، المنطقة المعروفة والمتحضرة التي كانت مصر على اتصال بها أثناء هذه الفترة، فإن علاقة الترابط بين هذه الأغراض والأسماء الواردة في القائمة الإيجية تشير إلى أن شيئا غير اعتيادي من ناحية الاتصال الدولي ربما كان يحدث أثناء عهد أمنحتب الثالث.
شكل 2-2: لوحة خزفية لأمنحتب الثالث، عثر عليها في ميسيناي (تصوير إي إتش كلاين).
تشكل الأغراض المستوردة المصرية وكذلك المنتمية إلى الشرق الأدنى التي عثر عليها في منطقة إيجه نمطا مثيرا للاهتمام، ربما كان مرتبطا بالقائمة الإيجية. على ما يبدو أن كريت المينوية ظلت الوجهة الأساسية في منطقة إيجه لطرق التجارة من مصر والشرق الأدنى أثناء الجزء الأول من القرن الرابع عشر قبل الميلاد على الأقل. ومع ذلك، بما أنه يوجد أغراض من مصر، وكنعان، وقبرص بكميات متساوية تقريبا في كريت، فقد يعني ذلك أن البضائع من مصر لم تعد البضائع السائدة التي يحملها الباعة والتجار بحرا بين كريت ومنطقة شرق المتوسط، كما كان الأمر أثناء القرون السابقة. إذا كان المبعوثون والتجار المصريون والمينويون قد سيطروا على الطرق إلى منطقة إيجه أثناء الفترات السابقة الأولى، فعلى الأرجح أنه الآن قد انضم إليهم، أو حتى حل محلهم، آخرون من كنعان وقبرص.
استمر هذا الموقف الدولي الأكثر تعقيدا طوال القرنين التاليين، ولكن يوجد تحول في استيراد البضائع الأجنبية إلى منطقة إيجه اعتبارا من نهاية القرن الرابع عشر قبل الميلاد. وبينما يوجد هبوط مفاجئ في عدد البضائع المستوردة على جزيرة كريت، ثمة زيادة كبيرة على البر الرئيسي لليونان. وإذا كان هذا التحول في حجم الاستيراد، من كريت إلى البر الرئيسي لليونان، حقيقيا، فيبدو من المحتمل (رغم كونه تخمينا بالتأكيد) أن الانخفاض في وصول البضائع الشرقية إلى كريت وانقطاعها في نهاية المطاف قد يكون مرتبطا بدمار كنوسوس في حوالي 1350ق.م، وبسيطرة ميسينية على طرق التجارة إلى مصر والشرق الأدنى بعد ذلك بفترة وجيزة.
صفحة غير معروفة