أسماء اللاعبين
1 - في بيت الخواجة حبيب
2 - في حلوان
أسماء اللاعبين
1 - في بيت الخواجة حبيب
2 - في حلوان
العليل
العليل
تأليف
يعقوب صنوع
أسماء اللاعبين
الخواجة حبيب:
عليل.
الست هانم:
ابنته.
متري:
العاشق.
إلياس:
صاحبه.
جودة:
خدام العليل.
الحاج علي:
مغربي.
زاهي أفندي:
الحكيم.
كبريت بيك:
الحكيم.
وسعد :
خدام حلوان.
الفصل الأول
في بيت الخواجة حبيب
المنظر الأول (هانم فقط)
هانم :
دا احنا الضحى والساعة دقت خمسة. حقا اللي ما يعرفش بحقيقة حالي يقول علي كسلانة، خصوصا أنا اللي معودة على القيام بدري، أما ما باليد حيلة، أعمل إزاي؟ لما باسهر للصبح بالضرورة أتأخر في النوم؛ لأن الإنسان لا بد له من راحة جسمه، وأنا إذا ما عطيتش لنفسي راحة لا شك أتشوش، وبوقتها مين يناظر أبويا ويخلي باله معاه، ويعطي له الدوا اللازم في الوقت المعين من الطبيب. مسكين يا بابا، يا ما بتقاسي، دا أنت صار لك شهر، يا كبدي، وعينك ما رأت النوم (تركع ثم تقول) يا ألله، يا قادر على كلشي، اقبل تضرع بنت منكسرة، واشفي لها والدها، ولا تيتمها من بعده (ثم تقف وتقول) مين دا اللي داخل؟ دا جودة الخدام ومعه جواب. يا ترى من مين؟ يكنش من حبيبي متري؟
المنظر الثاني (جودة والمذكورة)
جودة (يدخل) :
صباح الخير يا ستي هانم.
هانم :
يسعد صباحك يا جودة. دا إيه دا اللي في إيدك؟
جودة :
بتسأليني؟ دا جواب من الخواجة متري، والله إنه شب ظريف، ما يهنش عليه يوم بدون أن يرسل لكي جواب، ويسأل فيه عن صحة الخواجة. (يعطيه لها)
اتفضلي.
هانم (تأخذ منه) :
طيب انت اخرج برا، لما يجي الحكيم اندهلي.
جودة :
حاضر يا ستي، بس من فضلك طمنيني عن الخواجة، إزاي صبح النهار ده، إن شا الله يكون أحسن من امبارح.
هانم :
أهو على حاله يا جودة، الليل ما بيناموش، وعينه ما بتغفلش إلا وقت الصبح.
جودة :
طيب والحكما بيقولوا إيه في الداء دا؟
هانم :
يسموه داء العروق، وإنه ناتج من غم.
جودة :
طيب والعروق دول مالهمش دوا يا ستي؟
هانم :
أنا عارفة يا جودة. الظاهر إن الحكما احتارت. وحكيم البيت بيقول لازم له يغير هوا؛ لأن جسمه سليم، فقط حاصل له ضيقة صدر. فشم الهوا والتسالي يمكن تقيم الغمة اللي على قلبه.
جودة :
إن شا الله يا ستي، إن شا الله، ربنا يشفيه، ويعود علينا أيام الهنا، ويرجع بيتنا زي ما كان. دا ما كنش يعدي يوم علينا من غير ما يكون عندنا عزومة بالضهر أو بالليل، وكان سيدي الخواجة دايما مبسوط وفرحان. يخي الله يلعن أبو الغم وما يتأتى منه.
هانم :
صحيح؛ لأن من يوم ما جاله خبر عمي من اسطنبول وهي مسكاه السورة.
جودة :
ربنا يفرج عليه ويزيحها عنه. دا الخواجة صحي، سامعه بينده.
هانم :
روح شوفه حينما أقرا الجواب.
جودة :
طيب (ثم يخرج) .
المنظر الثالث (هانم فقط)
هانم (تفتح الجواب وتقرأ) :
يا قرة العين يا هانم، (تتكلم)
هو دايما يبدأ جواباته لي بكلام لطيف زي قرة العين مهجة القلب. أما أنا ما اعرفشي إلا كلمة واحدة، أقول له حبيبي الصادق والسلام. أنا مانيش فصيحة زيه، هو متعلم في المدارس، أما أنا كتر خيري اللي كمان باعرف أقرا وأكتب لي كلمتين. إحنا في الجواب لما أشوف بيقول لي إيه (ثم تقرأ)
من بعد مزيد الشوق (تتكلم)
السطر دا كله معروف، دا كلام العادة، إحنا في موضوع الجواب. (تقرأ في نفسها وتقول)
دا بيحب أبويا ما كأنه إلا والده، ويسألني عن كيفية صحته، ويقول لي إنه جاي قبل الضهر بساعة، وبقى ما هوش رايح يغيب. دا أبويا صحي وجاي. وأما هس، آديني سكت.
المنظر الرابع (هانم ثم والدها)
حبيب (يدخل) :
روح ودي الجواب دا لزاهي أفندي وهاته وياك، يا لله يا جودة كون هنا بالعجل.
هانم (تستقبل والدها) :
زيك صبحت يا بابا.
حبيب :
والله يا بنتي على حالي، ما نيش شايف جنس فرق أبدا. لكن نحمده.
هانم :
وزاهي أفندي مين دا اللي أرسلت تندهله؟
حبيب :
دا حكيم شاطر من جماعة قصر العيني المشهورين ، كل الناس تشكر فيه، ومين عارف يا بنتي يمكن الشفا يكون على يده، يعني رايح أخسر إيه؟ النصف فنتي اللي رايح ياخده في مقابلة مشواره يكون من جملة المصاريف.
هانم :
بس تطيب أنت، والفلوس إن شا الله ما قعدت.
حبيب :
أهو كدا بنقول يا بنتي؛ لأني ما أقدرش أعيش على الحالة دي، ضيقة الصدر قتلاني، والغرابة اللي ما باحس لا بوجع راس ولا بوجع جنب، ولي شهية للأكل كأني طيب بخير، فقط متضايق وبدي أبكي ما أقدرش، هو أنا يا بنتي إذا بكيت يحتمل أفوق، ويزال من على صدري الضيقة دي، وتتفرتك الغمة اللي على قلبي زي الرحاية. لكن معالهشي، ما فيش فايدة لا بالليل ولا بالنهار؛ لأنني بافتكر في أخويا اللي وفاته حرقت قلبي، وبردي ما بابكيش، وبتزيد علي الضيقة عوض ما تخف، لكن ربنا كريم يغير حال من بعد حال. إحنا مالنا. الامتثال لحكمته.
المنظر الخامس (متري والمذكورين)
متري (يطرق على الباب من خارج) :
يا جودة.
حبيب :
روحي يا هانم شوفي مين برا؛ لأن جودة راح ينده الحكيم.
هانم :
حاضر يا بابا (ثم تخرج) .
حبيب :
يا ترى مين دا؟ لازم يكون متري، إحنا مالناش صديق غيره، دا الجدع ربنا يستره، بيجي ويشق علينا كل يوم.
هانم (ترجع) :
دا متري يا بابا جاي يسأل عليك.
حبيب :
ما تقولي له يتفضل يا بنتي.
هانم :
أهو دخل.
متري (يدخل) :
نهارك سعيد يا خواجة حبيب.
حبيب :
نهارك سعيد يا ابني، ارتاح.
متري (يجلس) :
كيف حال مزاجك؟ عسى الله تكون صبحت أحسن نوعا.
حبيب :
أقول لك يا ابني للآن مانيش شايف جنس فرق.
متري :
والدوا اللي أعطاه لك محمد أفندي الحكيم ما عملش معاك جنس تأثير؟
حبيب :
لأ يا ابني، أنا صار لي باتعطاه الأربعة أيام دي.
متري :
والعمل إيه؟ ما فيش تدبير؟
حبيب :
التدبير عند الله يا ابني، آدحنا بعتنا ننده زاهي أفندي الحكيم لما نشوف يقول لنا إيه.
متري :
زاهي أفندي دا طبيب ماهر، وكل الناس تمدحه؛ كونه عالج أصعبها مرض وشفاه، والظاهر أن يده مبروكة، في الواقع أن الرجل مسعد، ما يدخلش عند عيان إلا ربنا ياخد بيده، إن شا الله عقبالك.
حبيب :
إن شا الله يا ابني. (ينظر في الساعة)
الساعة ستة ونصف. عن إذنك داخل أوضتي أبلع لي حبة من حبوب أحمد أفندي.
هانم :
ما تتعبش يا بابا، أنا أجيبهم لك.
حبيب :
لا يا بنتي، ما تعرفيش حاطتهم فين، أنا أخرج وأرجع حالا (يخرج) .
متري (إلى هانم) :
وصلك جوابي يا ختي؟
هانم :
وصلني وقريته وفهمت ما فيه.
متري :
أيوا أما أنا ما كتبت لكيش عن الذي في مرادي أفعله اليوم، أنا بدي أظهر حبي إليكي وأطلبك من حضرة الوالد كونه يعرف المرحوم أبويا عز المعرفة، وعشمي أنه يجبر بخاطري ويشرفني بزواجك إلي، وعلى ظني إنه ما يوجدش جنس مانع لذلك؛ لأن من جهتي أنا - لله الحمد - أشغالي طيبة وكلما لي في التقدم، ولا أحد يقدر يقول علي شيء؛ لأني ماشي على قدر حالي.
هانم :
أيوا، يحبك ولا شك أنه يفرح لمناسبتك، لكن أحسن تبقي موالك دا دلوقت؛ لأنه عيان والعيان ما يفتكر إلا في صحة نفسه.
متري :
برده رأيك في محله، لكن عدم صبري له سبب، أنت تعرفي المسيو حنين؟
هانم :
أعرفه.
متري :
بقى أنا أخبروني أصحابي أن بده يطلبك من أبوكي، ويحتمل إن الخواجة حبيب يرضى؛ لأنه ما يعلمش حبنا في بعض.
هانم :
صحيح، لكن إذا رضي أبويا عمرك ما تصدق إني أنا أرضى.
متري :
الكلام دا عند الآلافرنكة، أما احنا يا ولاد العرب البت مالهاش قول، ولو إننا بدينا في التمدن، وصار مباح إلينا الدخول والخروج عند بعضنا.
هانم :
هس أحسن أبويا راجع، بردك أعمل معروف ابقي العبارة لكام يوم.
متري :
أمرك يا ختي.
حبيب (يرجع) :
يا ما طعم الحبوب دول مر.
متري :
إن شا الله يكون عقبهم حلو وينتج منهم الشفا.
حبيب :
إن شا الله يا ابني. أما احنا في جودة غاب.
هانم :
أهو جا يا بابا. أنا أعرف مشيته.
المنظر السادس (جودة والمذكورين)
جودة (يدخل) :
نهارك سعيد يا خواجة متري.
متري :
ونهارك. الحكيم فين؟
جودة :
أهو جاي ورايا، بس ندهوا له في قصر العيني، لكن قال لي إنه ما يغبش. والحكما دول كلامهم واحد. خصوصا في صنعتهم اللي بيكتسبوا منها الجنيهات. (إلى حبيب)
أما أنا يا سيدي بدي أقول لك حاجة بس خايف ما تسمعش كلامي. أنت تعرف إني أحبك زي عنيا؛ لأني من مدة الصغر وأنا خدامك ولم عمري سمعت من حضرتك كلمة تغير خاطري، وربنا يعلم أني أريد لك كل الخير.
حبيب :
طيب وبدك تقول لي إيه؟ ما تتكلم.
جودة :
بس يا خسارة إن حضرتك ما بتصدقش في الكلام دا، والحال والله إن الراجل دا طيب واحد كان به داءك بعينه.
متري :
ما تفهمنا كلامك على مين. على حكيم خلاف زاهي أفندي؟
جودة :
دا الراجل موش حكيم، دا يعرف في السحر ولكن موش راجل دجال زي الجماعة دكهما اللي يسلبوا الفلوس بالهلس. لا دا بس بقيس القطر ويكتب أحجبة ويعطي دوا.
حبيب :
بس بس، بلا هلس، الأمر دا ما يؤمنوا فيه إلا الجهلا، وأما احنا اللي درسنا علم الطبيعة والفلك والطب وما أشبه، ما يدخلش في عقلنا شيء زي دا. (لمتري) : موش كدا يا متري؟
متري :
أي نعم. نظرك في محله.
هانم :
أيوا لكن يا بابا على شان خاطري جربه. يعني رايحين نخسر إيه؟
جودة :
ولا حاجة. أروح أندهله. أهو واقف بيستناني برا.
متري :
طيب أجري أندهله لما نسمع كلامه.
حبيب :
يا خي يا ابني دول ناس دجالين.
جودة :
رايح تشوف إن الدجالين دول يعرفوا أحسن من الحكما. (يخرج.)
حبيب :
جودة دا راجل طيب يحبني قوي.
متري :
وإذا ما حبش سيده رايح يحب مين؟ العيش والملح دا له حق.
المنظر السابع (علي والمذكورين)
علي (يدخل) :
السلام على من اتبع الهدى.
متري :
تفضل يا شيخ.
حبيب :
اجلس يا والدي ارتاح.
علي :
الله يحفظك يا ولدي، ويجعل شفاك على يدي.
جودة :
آمين يا رب.
علي (ينظر لحبيب) :
ها يا ولدي، أصابتك مصيبة مهولة، وحصل لك منها ألم. ما هو كدا يا ولدي؟
جودة :
أيوا أخو الخواجة توفى. (إلى متري)
شفت إزاي عرف أن أصل تشويشه ناتج من غمه؟
متري (إلى جودة) :
كل الناس اللي يكون لهم نظر يفهموا من وجه الخواجة حبيب كونه مغموم.
جودة :
طيب من صبر نال. دلوقت تشوف شطارته.
علي (إلى حبيب) :
أنت يا ولدي كنت تعز أخوك ووفاته كسر في قلبك. فحين جالك الخبر الشنيع في البراوا ما قلت أستغفر الله. تقاسى عليك وركبك الشيطان اللعين، بقى صلي على النبي يا ولدي، يا ما أفندية وبيكاوات وبشوات غلبت فيهم الأطبا، وصرفوا أموالهم يا ولدي من غير فائدة ولا نفع، ولله الحمد ما حصل لهم إلا على يدي؛ لأن احنا يا ولد العرب لنا أسرار ما يعلمها ابن مصر؛ لأني أنا ما بانام الليل، باسهر، براعي النجوم وأحسب سيرها، وأقرا وأعزم، وأحضر الشيطان، ولد القران خصمك، وأنده ما أريده منهم؛ لأن لي مقدمة عليهم يا ولدي، والبعض منهم اسرجنوا، ودلوقت يا ولدي إذا القران ولد القران ما شفاك بالعجل تاسرجنوا؛ لأنه ما حد يعرف أسرار سيدنا سليمان عليه السلام، وكتابة خاتمه، وحبس الشياطين بالقماقم النحاس غير العبد الفقير.
متري (في نفسه) :
أما دي لهجة عجيبة، وأنا لو كنت حاكم كنت أسرجنوا زي ما بيسرجن العفاريت.
حبيب (إلى علي) :
طيب بس فهمني من فضلك. يا ترى عندك دوا المرض دا؟
جودة :
وإذا كان الحاج علي ما عندوش دواك يبقى عند مين؟ بس أنت اتوصى به.
حبيب :
روحي، بس يطيبني.
علي :
بقى صلي على النبي يا ولدي، وقول لي شو عملت لنا؛ لأن البخور غالي في الأيام دي يا ولدي.
حبيب :
أعطيك اللي تطلبه.
علي :
يا ولدي، احنا مو ناس طماعين، أقل الشي يكفينا، هات لنا جنيه دلوقت، لما يحصل الشفا تبقى أنت وجودتك.
حبيب (يوضع يده في جيبه ويعطيه جنيها) :
خد أهو جنيه.
علي :
فقط لي عندك سؤال يا ولدي، المريض ينبغي عليه يندر ندر يوفيه عند شفاه، بقى اندر يا ولدي على نفسك بأعز ما عندك، والله يقبل ندرك.
حبيب :
أنا ما عندي أعز من بنتي، ندر على قلبي إني أجوزها لمن يشفيني.
متري (إلى علي) :
إنت متجوز يا شيخ؟
علي :
متجوز يا ولدي، لكن ما تفتكر، إذا حصل على يدنا الشفاء تحظى ببلوغ مرادك.
متري (إلى هانم) :
بس يا خسارة، الرجل دا دجال، ما يخرج من يده يطيب أبوكي.
هانم (إلى متري) :
مين يعرف؟ الشفا يجي على أهون سبب.
علي (إلى حبيب) :
شفت يا ولدي، إحنا فهمنا داءك، من دون أن نعمل أمر دجل مثل الرمل والودع وغيره، أنت ابعت لي بكرة في الصباح خدامك جودة، نعطيه حجاب توضعه على صدرك بدون أن تقراه، ونعطيه كمان ورقة بخور تحرقها، وتخطي عليها سبع مرات، وتقول: سامحوني يا هل الجن إذا قاسيتكم، وارفعوا غضبكم وارحموني. فيحصل حالا الشفا. ويبقى الحاج علي يستاهل الحلاوة. السلام عليكم (يخرج) .
جودة (إلى حبيب) :
اتطمن بقى يا سيدي، وقول على روحك إنك طبت خالص. ودلوقت لما يجي زاهي أفندي أنا أقول له من الباب قبل ما يدخل: سيدي ربنا أخد بيده ما بقاش الأمر محتاج لك.
حبيب :
بس بس بلا هلس، لما يجي زاهي أفندي قول له يتفضل. أنا فقط رضيت بدخول الراجل دا على قبول التسالي. والجنيه اللي خدوا زكا عني.
متري :
أما احنا في الندر يا خواجة.
حبيب :
أيوا فكرتني، الندر لا بد من وفاه إذا حصل الشفا. ولكن ما تخافيش يا هانم، الراجل الدجال دا موش رايح يطيبني. (إلى جودة)
وأنت يا جودة اخرج برا استنى زاهي أفندي.
جودة :
والله ما حد كان رايح يفلح غير المغربي، لكن الأمر أمرك. (ثم يخرج.)
متري :
وإذا حكيم من دول ربنا جعل في يده الشفا وطيبك ويكون متجوز.
حبيب :
يبقى يتصرف في هانم كيفه، يعطيها لابنه لاخوه لابن عمه أو لواحد صاحبه، فقط يكون واحد من ديننا.
متري :
يا ريتني كنت حكيم، كنت على كل حال أنا أولى من الغريب.
حبيب :
يا ريت يا بني، ربنا يعلم معزتك عندي، ولو علمت أن قصدك في هانم لا كنت ندرت ولا شي، لكن يا ابني كل شي نصيب.
هانم :
نصيب إيه يا بابا؟ بقى رايح يتعلم الحكمة ويجي يجرب فيك ويطيبك وياخدني؟ دا شي مستحيل.
حبيب :
لأ، يقدر يتصاحب مع الحكيم اللي يطيبني ويتحصل عليكي منه.
متري :
وإذا كان الحكيم حط عينه على البنت. العمل إيه؟
حبيب :
يبقى أمر الله، ما باليد حيلة.
هانم :
بقى على الكلام؟ أنا ألتزم أتجوز اللي يطيبك ولو كان قرد.
متري (إلى هانم) :
خلي عشمك بالله، أنا قلبي بيقول لي إننا لبعض.
المنظر الثامن (جودة ثم زاهي أفندي والمذكورين)
جودة (يدخل) :
الراجل اللي يرقع نصف فنتي في المشوار أهو جا، أصرفه وأقول له يروح في حال سبيله والا أدخله؟
هانم :
لا، خليه يدخل.
جودة :
اتفضل يا زاهي أفندي.
زاهي (يدخل) :
نهاركم سعيد.
حبيب :
ونهارك. اتفضل ارتاح.
زاهي (يجلس) :
ممنون.
متري (إلى هانم) :
إزاي الحال؟
هانم :
أما اللي سماه زاهي ما غلطش.
متري (إلى هانم) :
بقى عجبك على الكلام دا. (في نفسه)
ادحنا رحنا الدوشار، الراجل عجبها والسلام، لكن ما فيش خوف لفرق الديانة.
الحكيم (إلى حبيب) :
إأذنني يا حضرة الخواجة بلمس نبضك.
حبيب :
تفضل (يعطيه يده) .
زاهي (يخرج الساعة وينظر فيها ويتأنى لحظة) :
أما حركة دق نبضك ليسها كالقانون الاعتيادي؛ لأنه بيدق في الدقيقة الواحدة ماية دقة، ويظهر من ذلك أن العروق حصل لهم انزعاج، ولا بد إن جنابك تحس بالألم في أصداغك، وأيضا ضيقة في الصدر ومغص في البطن، وتقل في الانسهال، ولو أن لك شهوة للطعام، معدتك لقلة المرارة التي تدخل على الطعام من الكبدة لأجل تهضيمها، فيحصل من ذلك مانع لدوران الدم، وينتج من ذلك انخفاق في القلب، والعروق المسلطة إلى المخ تقل منهم الكهربائية، حتى إن يبان لك أحيانا إن راسك عازمة على الوقوع من فوق أكتافك، والدنيا تدور قدامك وتزيد عليك السورة.
حبيب :
كلامك يا حضرة الحكيم جميعه في محله، وجميع إخوانك حضرات الأطبا قالوا لي الكلام دا بذاته ، فقط لسوء البخت ما شفت جنس ثمرة من الأدوية اللي عطوها لي.
زاهي :
لا شك أنهم أعطوا لك أولا سترات المنيزيا وراوند وحبوب كربونات الحديد، وأعطوا لك عامود الكبريت، ووضعوا على صدرك لزقة وحراريق في صدغيك، وربما يكون وضعوا لك دود في باب البدن لتخفيف الدم من الدماغ.
حبيب :
أي نعم، كل دا صحيح.
هانم (إلى متري) :
ودا عرف كل دا منين؟
متري (إلى هانم) :
دي موش شطارة، ومكتوب عندهم في الكتب، بكرة أشتري لي كتاب من دول، وإذا ماكنتش أكلمك على العروق والمخ والمرارة والكبدة والقلب والطحال وما أشبه.
حبيب (إلى زاهي) :
فإذا دوا جنابك إيه؟
زاهي :
أكدب عليك. دا معالجته ما هيش في الأدوية إلا بتغيير الهواء وحمامين حلوان، وأنا أكتب لك الجواب اللازم إلى حضرة الدكتور كبريت بيك، وهو يشمل أنظاره عليك، وإن شا الله تتشكر منه، ويحصل هناك الشفا.
حبيب :
كثر خيرك، وشكر الله فضلك.
هانم (إلى زاهي) :
أما يا حضرة الحكيم واحد غيرك ما كنش يقول الكلام دا؛ كونك احكيت بالصريح.
متري :
قلنا من الصبح الراجل عجبك والسلام.
هانم (إلى متري) :
أنت غلطان، ما حدش يعجبني غيرك، والقلب ما يهوى سواك.
زاهي :
أرسل إلي خدامك بعد الظهر وأنا أعطيه الجواب، تبقى تسلمه إلى كبريت بيك عند وصولك بحلوان، وكون بغاية الطمأنة؛ لأن مرضك ما فهش خطر، تغيير الهواء والتسالي يشفوك في أقرب وقت (لمتري وهانم)
أنتم اعملوا جهدكم، وضحكوه لأجل تتفرتك الغمة اللي على قلبه. (للجميع)
في أمان الله.
حبيب :
وأنت في الأمان (يعطيه مشواره) .
زاهي :
ممنون (ثم يخرج) .
حبيب :
أما الجدع الحكيم دا لطيف قوي. ما شا الله على مدرسة الطب بيخرج منها حكما عظام. (إلى هانم)
يالله يا هانم قولي لجودة يجهز لنا لوازم السفر.
متري :
أستأذن من جنابك بأن تسمح لي بمرافقتكم.
حبيب :
بغاية حظنا، يالله يا ولادي. (يخرجون جميعهم ثم تنقفل الستارة.)
الفصل الثاني
في حلوان
المنظر الأول (سعد الخدام ثم لياس)
سعد :
أما من يوم ما دارت البناية عندنا هنا في حلوان كترت علينا الزباين، والخواجات والأغراب والسواحين بيوردوا لنا من مصر وإسكندرية كل يوم، والخير باليزيد، ودا كله بنفس الحكومة، حقا، والحمامين يوماتي ملانين والناس طالعة نازلة في الحمام من دول، والغرابة يكون على جسدهم ألف داء، الحكمة كونهم يخرجوا لنج من لنج كأنهم طالعين من بطن أمهم، وغير كدا حضرة الحكيم كبريت بيك صاحب المحل دا مشهور في الطب، وفي يده بعون الله الشفا، ياما تعب وجري، لكن الحمد لله إن تعبه حصل منه ثمرة، بدينا وبدا الخير علينا، أهو واحد أفندي داخل بترابه وعفاره، لما نروح نستقبله. أمال إيه؟ إحنا البقشيش ما بينقطعش من جيبنا.
لياس (يدخل ومعه صندوق ماسكه في يده) :
صا صا صا صا با با با با ...
سعد :
ها بقى المرحوم بابا مات صبابا، وحضرتك انقهرت عليه وتشوشت، وجيت تطيب هنا.
لياس :
لا، لا صا صا صا صا با با با با ح الخير، صباح الخير.
سعد (في نفسه) :
دا المسكين ألكن. (إلى لياس)
أما ماية حلوان تفك لسانك المربوط.
لياس :
الحا حا حا ...
سعد :
جينا سوق الحمير. (إلى لياس)
حضرتك جيت راكب حمار يعني حا حا.
لياس :
لا، لا الحا حا حا ...
سعد :
الحارة بدك تقول والا الحاصل؟ ما تفسر.
لياس :
الحا حا حا كي كيم.
سعد :
أيوا كدا، أنت بدك تشوف الحكيم. موش هنا.
لياس :
خا خا خا ...
سعد (في نفسه) :
أيوا صحيح بعد الحا تجي الخا.
لياس :
خا خا خا خا را خا را را ...
سعد :
الكلام دا إيه؟
لياس :
خا را راج الحا حا كي كيم فيه ففين؟
سعد :
الحكيم خرج فين؟ وأنا باعرف؟ دلوقت حالا يرجع.
لياس :
بيه ببيه دي دي اشو شو شو شو شو شو شو ...
سعد (في نفسه) :
الراجل دا ضيق قلبي. (إلى لياس)
بدك تشوفه موش كدا؟ طيب تعالى ويايا؛ لأنه لازم يكون رجع وتبقى تكلمه على كيفك.
لياس :
إنت ما ما ما ما ما يده تن تن تن تن تن ...
سعد :
وقولة تن تن تن يعني إيه؟
لياس :
سي سي سي سي سي بني يا يايا ...
سعد (في نفسه) :
يايا دي بلسان الشلختن (يمسكه من يده)
بدك تشوف الحكيم؟ أهو برا ما انتاش سامع قولة سعد؟ وسعد دا اسمي أنا. بقى يالله اتفضل.
لياس :
طا طاطا طا طططا طيب (يخرجون).
المنظر الثاني (متري ثم سعد)
متري (يدخل) :
ادحنا وصلنا الحمد لله بسلامتنا، فين الخدام أو الوكيل أو الحكيم؟ أنا مانيش شايف حد ومن هنا لعشر دقايق يطبوا الجماعة، الخواجة حبيب وبديعة الجمال هانم وجودة الخدام، أنا سبقتهم بالعنيه، حتى إني أحضر لهم المحلات اللازمة لأجل عند وصولهم يوجدوا أوضهم جاهزة، وخصوصا الخواجة حبيب اللي يكون جاي تعبان، على كل حال يدخل يرتاح.
سعد (يدخل) :
أما الألكن دا قتلني، الفرجه عليه هو والخواجة بتاعنا موش عارف ياخد منه لا طيب ولا ردي، ما فيش إلا حاحا. وخاخا. ورارا. وفافا. وبابا. وما أشبه (يشعر بوجود متري)
نهارك سعيد يا سيدي.
متري :
نهارك زي اللبن يا جدع.
سعد (إلى متري) :
أيوا على كل حال، داموش ألكن، دا يتكلم زي الناس اللي خلقها ربنا. (إلى متري)
أمرك يا حضرة الخواجة.
متري :
عندك أوض فاضية؟ لأنه يلزمنا بالقليل ثلاثة أوض.
سعد :
من العين دي ومن العين دي يا حضرة الخواجة. ادي (يشاور)
أوضة جوا أوضة.
متري :
أيوا دي توافق الخواجة حبيب وبنته.
سعد :
وادي (ثم يشاور على الشمال)
أوضة عظيمة.
متري :
طيب دي ناخدها احنا.
سعد :
والأوضة دي اللي احنا فيها تنفعكم للقعاد.
متري :
طيب يا جدع. بقى اخرج على الباب، ولما تشوف عربية فايتة باتنين خيول بيض جواها خواجة اختيار وبنته وخدامه، ابقى هاتهم هنا. (يعطيه)
خد شرب قهوتك.
سعد :
عشت يا سيدي، اديني خارج على عيني وراسي.
متري :
وكمان افتكر ابعت لي الحكيم؛ لأني بدي أشوفه قبل ما يجو الجماعة.
سعد :
حاضر يا سيدي. الحكيم أهو برا معاه واحد خواجة، لكن أنا أبعته لك حالا.
المنظر الثالث (متري وكبريت بيك)
متري :
أيو احنا بدنا أول كل شي نكلم الحكيم ونرسيه على العبارة قبل ما يوصلوا الجماعة؛ لأن قلبي بيقول لي إن الخواجة حبيب يوجد الشفا هنا في حمامين حلوان، وغير ذلك أما العيان من دول يكون له عشم واعتنا في الدوا غالبا يطيب عليه. الخواجة حبيب واحنا في أتنى الطريق بدأ يقول إن هوا الخلا نعنش روحه شوية، وإن الغمة اللي على قلبه خفت نوعا، وكذا يظهر أن يحتمل شفاه في أقرب وقت. (ينظر إلى جهة الباب)
أهو الدكتور كبريت بيك جاي، يا خي دي معرفة قديمة، وهوا اللي طيب أختي من النوشة وأبويا من السونتارية وأمي من وجع البطن.
كبريت بيك (يدخل) :
بون جور مسيو متري.
متري :
نهارك سعيد يا بيك، من فضلك كلمني بالعربي؛ لأن الكلمتين الفرنساوي اللي كنت اتعلمتهم خطف من الفريرات طاروا مني.
كبريت بيك :
طيب طيب معالهش، إخنا كمان يعرف بالكلام العربي، إخنا في مصر من سنة كتير، وعيب إذا كان إخنا موش يفهم دي لسان، إخنا يخب المصر والناس بتاع المصر، ويخب الملك بتاع مصر، وإذا كان موش يخب دا كله موش يجي هنا، ويسيب كل الشجل بتاع إخنا في المصر على شان يساوي دي خمامين ويعمل هما زي الخمامين بتاع أوروبا، وكدا العيان بتاع مصر عوض ما يسافرتوا في بلاد أفرنكي ويصرفتوا كل فلوس بتاع هوا، ويمكن كمان موش طبتوا، يجي هنا أخسن ويطيب بالعجل بشوية مصروف. موش كدا يا خواجة متري؟ وكمان المصر يبقى عندها اسم كبير في بلاد أوربا، ومن هناك يجي عيانين كتير والناس ابن البلد يكسب كتير من هما.
متري (في نفسه) :
واحنا مالنا ومال الكلام دا كله؟ بس تضييع وقت في الفارغ.
كبريت بيك :
حضرتك يقول إيه يا خواجة متري في دا كلام؟
متري :
كلامك في محله يا حكيم باشا.
كبريت بيك :
وأنت جاهنا على شان إيه، أنت في تشويش في جسد أنت؟
متري :
لا، الله لا يقدر، أنا جسدي صاغ سليم.
كبريت بيك :
بقى أنت بس يجي هنا على شان يغير هوا، والتلاتة أوضة اللي بيكلم سعد على شانهم ليه؟ أنت في فامليه؟
متري :
بقى شوف يا حكيم باشا، أنا بدي منك معروف كبير.
كبريت بيك :
أنا أعمل أنت كل اللي أنت عاوز، أنت خبيب بتاع إخنا من زمان.
متري :
بقى شوف يا سيدي، الخواجة حبيب معرفتنا اللي أخذت على شانه التلاتة أوض جاي هنا هو وبنته وخدامه؛ لأنه عيان جدا، وندر ندر، تعرف ندر يعني إيه؟
كبريت بيك :
أيوا اندر يعني النطر اللي ينزلوا من السما، ينطر يعني.
متري :
أنا ما بأقول لكشي مطر. أنا بقول ندر. يعني أعطى واحد بارول من قلبه لربنا.
كبريت بيك :
ها، أنا فهمتوا، وقلتوا إيه في البارول بتاع هو على شان ربنا.
متري :
ندر على قلبه بأن يعطي بنته للي يطيبه.
كبريت بيك (يضحك) :
هاهاها هو البنت بتاع هو كويس؟
متري :
بدر بزق في ليلة أربعة عشر.
كبريت بيك :
وخضرتك يخب هي؟
متري :
زي روحي وأحسن.
كبريت بيك :
إن شا الله أنا بطيب أبوها.
متري :
تبقى تعطيني البنت.
كبريت بيك :
دي كلام تاني.
متري (في نفسه) :
دا الراجل طمعان. (إلى كبريت بيك)
ما هو دا من المعلوم كلام تاني، لكن احنا أصحاب ونعرف مقامك ما تفتكرش.
كبريت بيك :
إخنا موش يفهمتوا معنى كلام ده.
متري (في نفسه) :
دا بده يدق على الجد، لما أكلمه بالكبير. (إلى كبريت بيك)
بقى شوف يا سعادة البيك، إذا ربنا أخذ بيدك وطيبت الخواجة حبيب ووهبك بنته وأنت أعطيتهاني حلاوتك عندي ألف أفرنك.
كبريت بيك :
ألف أفرنك بس؟
متري :
طيب ألفين فرجنا واحد بارول دونير يا سيد حكمة مصر. أعطيني إيدك.
كبريت بيك :
بارول دونير البنت على شان أنت.
متري :
وألفين أفرنك يكونوا تلاتة آلاف على شان خاطرك.
كبريت بيك :
خضرتك غلطان كبريت بيك موش يعمل شجل زي دي، كبريت بيك عاوز يكسب فلوس بتعب هو. والتلاتة آلاف أفرنك أنت يعطيه للفقرا. أنا الحمد لله موش عاوز، ربنا يطول عمر أفندينا، أنا مستور.
متري (يبوسه) :
ما شا الله، ياما إنت صاحب شرف وما قدامك إلا الخير.
المنظر الرابع (سعد والمذكورين ثم حبيب وهانم وجودة)
سعد (يدخل) :
أهم الجماعة اجم.
متري (إلى كبريت بيك) :
أهي الفامليه اللي باحكيلك عنها.
كبريت بيك :
ها طيب كثير (إليهم)
اتفضلوا (جميعهم يدخلون) .
حبيب :
نهارك سعيد.
متري (يشاور على كبريت بيك) :
أهو حضرة حكيم باشا؟
كبريت بيك (يسلم على حبيب) :
صباح الخير. (يسلم على هانم)
بون جون مدموازيل (يقول إلى جودة)
دا أوضة في واخد باب من برا، روخ أنت ويا سعد دخل عفش بتاعكم من هناك.
جودة :
حاضر (يخرج مع سعد) .
كبريت بيك (للجميع) :
اجرم لأن لازم الخواجة يكون تعبان.
حبيب :
أينعم، أما أنا بديت أحس بنفسي على كل حال أحسن نوعا.
هانم :
أيوا الهواء هنا كويس.
كبريت بيك (إلى هانم) :
أيوا مدموازيل، هنا كله كويس، هوا كتير، خمام كويس، حكيم كويس، لكن أنت مدموازيل أكتر كويس من الكل.
هانم :
دا بس من لطفك.
كبريت بيك (إلى حبيب) :
أنتي عيان بإيه؟
حبيب :
كان حصل لي غم شديد بخصوص وفاة أخي، لغاية الآن وأنا باحس قلبي مقفول كأنه عليه غمة ما باقدر آخد نفسي، وبدي أضحك أبكي ما أقدرش، وأخذت أدوية كتير، لكن بدون فايدة.
كبريت بيك (يخرج من جيبه قرن، ويوضعه على صدر حبيب، ويوضعه في ودنه، وينظر في الساعة، وبعدها يقول) :
ها إخنا فهمنا. فرج لسان بتاعكم لإخنا.
حبيب (يخرج لسانه) :
ودي لساني يا حكيم باشا.
كبريت بيك :
اللسان بتاع انتم موش وسخ موش مزروط، أنا اعرف تشويش أنتم دي موش لازم على شان هو دوا، إن شاء الله أنت يطيب هنا. (ينده)
سعد، سعد.
سعد (يدخل) :
نعم يا سيدي.
حبيب :
عاوزه في إيه يا حضرة الحكيم؟
كبريت بيك :
خد خواجة ونزل هو في موية نمرة خمسة عشر جوام.
حبيب :
بس أنا تعبان، وقف لما ارتاح.
كبريت بيك :
إذا كان أنت تعبان معالهش، برده يقدر يعمل حمام، موش يخاف، اتفضل، وإن شا الله أنت يطيب بالعجل.
حبيب :
طيب أنت سيد العارفين (ثم يخرج مع سعد) .
متري :
بالشفا يا رب.
كبريت بيك (إلى متري) :
أنا لازم يخرج، أنا في شغل، أنا في متشوشين تاني.
متري :
تفضل ما تعطلش نفسك.
كبريت بيك :
بس لما يرجع الخواجة حبيب خلي هو يدخل في أوضته، ويخط فوق هو الغطا على شان موش ياخد برد (ثم يخرج) .
المنظر الخامس (هانم ومتري ثم جودة)
هانم :
أنت كلمت الحكيم قبل ما نجي؟
متري :
أمال أنا سبقتكم ليه؟ ما هو على شان كدا، حكيت له الحكاية من طقطق لسلام عليكم. وفضل يتقل علي في الأول ويقول: تعطيني إيه؟ قلت له: ألف فرنك. قال لي: شوية. ألفين. قال لي: ما ينفعوش تلاتة آلاف. أما أجرنه كان بيضحك معايا؛ لأنه راجل صاحب شرف وما يعجبوش إلا المكسب الحلال. وقال لي التلاتة [آلاف] أفرنك دول أعطيهم للفقرا، ومن جهتي أنا إذا طاب الخواجة حبيب، هانم أعطيها لك أنت بارول دونير. ودول الحكما كلامهم واحد. إزيك بقى يا حبيبتي؟
هانم :
أما مادوقه، ربنا يسعد أوقاته.
جودة (يدخل) :
ادحنا رتبنا الأوض، سيدي فين؟
متري :
راح الحمام.
جودة :
داه دي احنا لحقنا. يا خي، بالشفاء، وأنا كمان نادر للعزبة شمعتين وتمجيد.
هانم :
روح شوفه يا جودة يمكن يلزمه حاجة.
جودة :
حاضر يا ستي، لكن وفر علي المشوار أهو جاي ملفوف.
المنظر السادس (حبيب وسعد والمذكورين)
حبيب (يدخل ملفوف في شال) :
أما يا ولادي أنا قاعد بارتعش من البرد.
جودة :
بالشفا يا رب، الحمام البارد دايما عقبه سخن.
متري :
طيب ما شفتش جنس فرق؟
حبيب :
الفرق اللي شايفه هو إن جسمي متلج، وحاسس نفسي باتنفض من شدة البرد، وقلبي مقفول زي الخاتم، حقا أنا لو فضلت في الحمام دقيقة واحدة زيادة عن كدا كانت طلعت روحي، العفو يا رب.
هانم :
الحكيم قال إنك تدخل في أوضتك وتتغطى.
جودة :
واحنا ملزومين نسمع كلام الحكيم (يدخل معاه الأوضة ويقول في نفسه)
والله لو كنا عملنا وصفة المغربي لكنا طبنا من غير المشقة دي كلها.
سعد (إلى متري) :
أنا نسيت أعطيلك جواب يا سيدي، تفضل (يعطيه الجواب) .
هانم (إلى متري) :
من مين الجواب دا؟
متري :
إن الله مع الصابرين، ما تغيريش، أنت خايفة لا يكون من بنت لطيفة كتبت لي جواب؟ يا خي لا خلي قلبك في بطيخة صيفي. (يفتح الجواب ويقرأ)
محبنا العزيز الأكرم الأجل المحترم الخواجة متري دام بقاه، من بعد زيادة الشوق إليكم والسؤال عن رفاهية المزاج الفاخر العاطر، أول السؤال عنكم، والتاني إنكم أوحشتمونا زيادة للغاية؛ فلذلك حيث إننا حضرنا لحمامين حلوان، ولعلمنا أنكم حضرتم لهذا الطرف، فحصل لي غاية السرور بوجودكم، فإذا أستأذن من جنابك بأن تسمح لي كوني أتشرف بمشاهدتكم.
داعيكم
لياس (يوضع الجواب في جيبه ويقول)
ها دا لياس صاحبي. (إلى سعد)
قول له يتفضل دانا صار لي زمان ما شفتوش.
سعد :
حاضر يا سيدي (ثم يخرج) .
هانم :
يبقى ابن مين لياس دا؟
متري :
لا تعرفيه، ولا تعرفي أبوه، المقصود إنه جدع لطيف والسلام.
المنظر السابع (لياس والمذكورين)
لياس (من الخارج) :
داس داداس داداستور توتوتوتور.
متري :
اتفضل (إلى هانم)
دا مسكين.
لياس (يدخل ويسلم على الاثنين) :
أنا فاففا.
متري :
فاضي.
لياس :
لا لا لا فاففا ...
متري :
ها فهمتك إنت فاضل هنا في الحمامين.
لياس :
لا لا لا فاففا ففا ...
متري (إلى هانم) :
اوجدي لي كلمة يكون أولها فاء. (إلى لياس)
إنت فا يعني فاطر أو فارغ أو فاخر. (لياس يهز رأسه لكل كلمة من دول.)
لياس :
لا أنا فا ففا ففر فر ...
متري :
دا عقلك اللي فر.
لياس :
أنا فر فر فر فرحان حاحان.
متري :
ما تقول كدا من الصبح، الله يسامحك، دا أنت فرهدتني على بال ما سمعت منك وفهمت، وأنت جيت هنا تحل عروقك وتطلق لسانك وتخليه زي الفرقلة. إحنا نرجع لكلامنا، جنابك فرحان ليه؟
هانم :
بقى فرحان بمشاهدتنا موش كدا؟
لياس :
كا كا كا ك ك كا كا ...
متري (في نفسه) :
ما بقاش ناقصنا إلا أدان الديوك. (إلى لياس)
والكا دي إيه كمان، تكونش كلام؟
لياس :
ك ك لام.
متري :
والله ما حد فاهم له لا كلام ولا حديث.
هانم (تضحك من ابتدا كلام لياس ثم تقول إلى متري بصوت خفي) :
ما حد رايح يطيب أبويا غير دا.
متري (إلى هانم) :
حقا اللي يكون على قلبه جله موش علة أو غمة لتنزاح. دا يضحك الحجر، بس أنت سايريه على بال ما أروح أجيب أبوك. (إلى لياس)
عن إذنك أدخل الأوضه وآجي، اتفضل ارتاح (ثم يخرج يجيب حبيب) .
المنظر الثامن (لياس وهانم)
لياس :
أنا مص مص مص مص ...
هانم :
الحكيم إداك شي تمصه؟
لياس :
لا أنا مص مصرو ...
هانم :
إنت مصروع يا عشتنا؟
لياس :
لا أنا مص مصرور بمعرفتك.
هانم :
كثر خيرك، واحنا بالمثل.
لياس :
كت كت كت كت ...
هانم (تضحك وتقول في نفسها) :
دا بينادي على الكتاكيت.
لياس :
كت كت كت كت كتر خير خيرك يا يايا ها هاها (بسرعة)
هانم.
هانم :
ممنونة.
لياس :
أنت جمي مي مي ممي جميلة قا ققا قا ووي قوي.
المنظر التاسع (حبيب والمذكورين ومتري)
حبيب (يدخل) :
مين دا اللي بيكاكي وبيقلقني وبيزعق الزعيق دا كله؟
متري (يدخل إلى حبيب) :
دا الخواجة لياس جدع صاحبي لطيف وظريف.
حبيب (إلى لياس) :
وحضرتك جيت هنا في حلوان تداوي نفسك؟ أما الظاهر إن صحتك طيبة.
لياس :
أنا طا ططا طيب با با بس لسا سسا سسا ...
حبيب (يضحك ويقول إلى لياس) :
لسانك موش كدا.
لياس :
مر مر ممر بوبو بوبو ببوط ...
حبيب (يضحك ويقول إلى لياس) :
ها بقى لسانك مربوط؟ ربنا يفكه لك، الحكما قالوا لك تعمل له إيه؟
لياس (يخرج من جيبه جانب ودع) :
قا ققا قالي حو ححو طوطو دو ددو دول في ففي في فو ففو فمك.
حبيب (يضحك بالقوي) :
الحكيم قال لك تحط من الودع دا في فمك؟ ما تفرجني.
لياس (يوضع ودعة في فمه) :
شو ششو ششوف دا ددا دا دلو وقت بابا. بتكلم بي ببي بالعجل.
حبيب :
أيوا صحيح، أما دا أمر عجيب.
لياس (يوضع ودعة أخرى في فمه) :
ودلوقت أتكلم من غير توقيف.
هانم :
ما شا الله.
لياس :
إذا طاب لساني خالص تتجوزيني؟
متري :
ابعد. تتجوزك أنت؟ (يزقه.)
لياس (يبلع ودعة ويصيح) :
بابا بابا بببا ببا ببا بلعت الودعة. (إلى حبيب)
اضرب. ببي ببل ببو ننية في ففي دا ددا دداهري (يطاطي أمام حبيب) .
متري (إلى حبيب) :
بيقول لك اضربه في ضهره ضربة ثقيلة تزيح الودعة من زوره.
لياس (إلى حبيب) :
بوبو ببو ننية ففي عرضك.
حبيب (يكركر من الضحك ويغمى) :
آه رايح أموت من الضحك. (متري وهانم يضحكان حوله ثم يركعان أمامه ويفوقانه ويقولان له.)
فوق يا بابا، الحقونا بالحكيم.
لياس (إلى متري) :
في عرضك ببونية واحدة.
متري (يضربه بونية) :
وادي بونية بس الحقنا بالحكيم أحسن الراجل رايح يموت من بين إيدينا.
لياس :
ططا طيب.
حبيب (يفوق) :
الحمد لله.
هانم :
بابا.
متري :
خواجة حبيب.
حبيب :
نعم يا ولادي.
متري :
أنت صرعتنا يا شيخ.
حبيب :
أخ أنا طبت يا ولادي الضحك والفرح على سلامتي.
متري :
دا نهار مبارك.
حبيب :
فين الخواجة لياس؟
لياس :
آد. ددي. دديني.
حبيب (إلى لياس) :
الحق ما ينكرش، سبب شفايا تكون أنت، بقى قول لي تريد أجازيك بإيه؟
لياس :
ببي. ببي. ببي. نتك. ببنتك.
حبيب :
فعل الله عجيب، دي قدرة ربنا بأني أوفي ندري ببنتي لك.
هانم :
أنا ما أخدوش يا بابا.
حبيب :
تاخديه وعينك مش والتانية جبنة، دا يستاهل أكتر من كدا حتى.
متري (إلى لياس) :
بقى الست هانم دي أنا أحبها وهي تحبني.
لياس :
وأنا كا ككا كاكمان أحي ححي ببها أحبها.
متري :
أيوا، لكن إذا طلعت السماء ونزلت الأرض ما أنتاش شايف ضفرها، فهمت بقى أوهبها لي وإلا (يمسكه من خناقه)
أموتك وأموت فيك.
لياس (يمسكه أيضا) :
ما مما مخافش.
متري (يخنقه) :
قول وهبتها لك.
لياس (يخنق متري أيضا) :
لا لالا ما مما ما حدش غير غغيري يخو خو خو خخودها.
حبيب (يفرق بينهم) :
بس يا جماعة، أنتوا رايحين تموتوا بعض.
المنظر العاشر (جودة وسعد وكبريت بيك والمذكورين)
كبريت بيك :
إيه دي زيطة؟
جودة :
الصريخ دا إيه؟
سعد :
أنتم مالكم كفى الله الشر؟
حبيب (إلى كبريت بيك) :
بقى شوف يا حكيم باشا، أنا كنت ندرت على قلبي إن اللي يطيبني أعطي له بنتي.
لياس :
وا وا وا وأنا طا طاطا طيبته.
متري :
لا ما طيبوا غير الحمامين، هما اللي طروا، وخلوا العلة اللي على قلبه استوت.
كبريت بيك :
معلوم إخنا اللي يطيب هو، والمية بتاعنا يصلح عروق هو. (يفرق بينهم.)
حبيب :
فإن كان الأمر كذلك فهانم من نصيبك يا حكيم باشا، جوزها للي تريده.
لياس (إلى كبريت بيك) :
جا ججا ججا جوزها لي.
كبريت بيك :
لأ إخنا ناس بارول دونير بتاع إخنا واخد (يعطي هانم لمتري)
دي عروسة أنت. (إلى لياس)
وخضرتك لما يطيب لسان أنت الخواجه خبيب يشوف على شان أنت واخد عروس تاني.
حبيب :
مرحبا بك، أنا أجيبلك أعظمها بنت في مصر. (إلى كبريت بيك)
ربنا يعلم مقدار معزتك عندي، كتر الله خيرك وشكر الله فضلك يا حكيم باشا، حقيقة إني صرت ممنون لسيادتك.
الجميع :
ربنا يطول عمرك يا كبريت بيك يا حكيم باشا، ويجعل مياه حلوان شفا للعليل. (تم بخير.)
دول شفا حمامين حلوان
يقيموا الغمة ويلحلحوا اللسان
يا رب احفظ مدير هذا المكان
في عز والينا يا رحمن
صفحة غير معروفة