2
كانت أيام الخميس الجديدة هي الأيام التي يؤدي فيها برنارد صلاة الجماعة، يتناول عشاءه مبكرا في الأفروديتيم (التي انتخب لها هلمهولتز من عهد قريب وفقا للبند الثاني)، ثم يستأذن صاحبه، وينادي سيارة أجرة فوق السطح، ويطلب إلى سائقها أن يطير به إلى بيت الغناء الجمعي لصاحبه فوردسن، فترتفع السيارة مائتي متر، ثم تتجه رأسا نحو الشرق، وعند دورانها يرى برنارد أمام عينيه بيت الغناء، وهو بناء ضخم جميل، من المرمر الأبيض طوله 320 مترا، ينعكس فوقه الضوء فيشرق فوق لدجيت هل متوهجا كالثلج الناصع، وله رصيف للطائرات، عند كل ركن من أركانه الأربعة حرف
T
ضخم، يتلألأ باللون القرمزي أثناء الليل، وبالمكان أربعة وعشرون بوقا ذهبيا كبيرا، تتجلجل من أهوائها موسيقى مركبة مقدسة.
ولما وقعت عينا برنارد على «ساعة هنري الكبيرة» في بيت الغناء، قال محدثا نفسه: «ألا لعنة الله علي ! لقد تأخرت.» ودقت الساعة فعلا وهو يدفع للسائق أجره، ورددت الأبواق الذهبية في صوت منخفض غليظ هذه الكلمة: «فورد، فورد، فورد ...» وترنمت بها تسع مرات، وركض برنارد صوب المصعد.
وكانت قاعة الاجتماعات الكبرى التي يقام فيها الاحتفال بعيد فورد، كما تلقى فيها الأناشيد الدينية الجمعية في أسفل البناء، وفوق هذه القاعة سبعة آلاف حجرة، مائة في كل طابق، تستخدمها «فرق الجماعة» في صلواتهم التي يؤدونها مرة كل أسبوعين، وهبط هنري إلى الطابق الثالث والثلاثين، وانطلق في دهليزه مسرعا، ثم وقف خارج الغرفة رقم 3210 برهة من الزمن مترددا، ثم التوى بجسمه وفتح الباب ثم ولج الغرفة.
وحمد برنارد فورد أن لم يكن آخر الداخلين، فقد بقيت ثلاثة مقاعد من الاثني عشر المنظمة حول المائدة المستديرة فارغة، فدلف إلى أقربها، وحاول ما استطاع ألا يلحظه أحد، وتأهب للغضب عند دخول القادمين بعده في أي وقت يصلون.
والتفتت نحوه الفتاة التي كانت على يساره وسألته: «ماذا كنت تلعب بعد ظهر اليوم؛ الموانع أو المغناطيسية الكهربية؟»
ونظر إليها برنارد، ولشد ما كانت دهشته لما عرف أنها مرجانة رستشيلد، واعترف لها في خجل شديد أنه لم يلعب هذه أو تلك، فحدقت فيه مرجانة في دهشة شديدة، ثم كانت فترة من الصمت يسودها القلق.
والتفتت بغتة إلى الرجل الرياضي الذي كان إلى يسارها ووجهت إليه الخطاب.
صفحة غير معروفة