ويوجد الآن في الإقليم الشمالي أكثر من 12 مدينة يزيد عدد سكانها عن خمسين ألف شخص، ومجموعة أخرى من المدن أكثر من 20 ألفا.
ومدن الشمال السوفيتي عامة هي أكثر مدن العالم تطرفا نحو الشمال، وأكثر مدن العالم بعدا عن النطاق الزراعي المعروف، وعلى هذا فهناك عدد من المشاكل تحاول التكنولوجية السوفيتية أن تحلها بزراعة الخضروات وتوفير الأغذية بكافة الطرق حول هذه المدن، فضلا عن تموينها ببعض الأغذية من النطاقات الجنوبية، وفيما يلي عرض سريع لبعض المدن الكبرى.
أركانجلسك
هذه هي أكبر مدن الشمال، ويقترب عدد سكانها الآن من ثلث مليون شخص، وتقع المدينة على رأس خليج الدفينا، وعلى رأس المصب الخليجي الدلتاوي لنهر الدفينا الشمالي، وهي أقدم مدن الشمال قاطبة، وما زالت أكثرها أهمية.
ولقد اكتشفت جماعة من البحارة الإنجليز هذا الموقع بالصدفة، واستخدموا النهر في الصعود جنوبا حتى وصلوا إلى الفولجا ومن ثم إلى موسكو، ومنذ ذلك التاريخ وللمدينة أهمية كبيرة بالنسبة لعلاقات روسيا بالشمال، وتعبيرا عن ذلك فقد مد أول خط حديدي في الأصقاع الشمالية إلى أركانجلسك قرب نهاية القرن الماضي - فموقع المدينة عند نقطة تجميع لمنتجات الغابات المخروطية الشمالية أعطاها سيطرة احتكارية في تجارة الدولة الخارجية لكل من الفراء والأخشاب والكتان.
ولكن مجد أركانجلسك - أركانجل كما كانت تسمى من قبل - لم يطل كثيرا، وذلك بعد أن أسس بطرس الأكبر سان بطرسبورج - لننجراد الحالية، وتدهورت أهمية أركانجلسك خلال القرنين الثامن والتاسع عشر، بل أصبحت أيضا منفى شماليا.
وحينما تم مد الخط الحديدي إليها بدأت صحوة جديدة لأركانجلسك، فزادت أكثر من عشر مرات عما كانت عليه من حيث الحجم وعدد السكان في القرن التاسع عشر، وتسيطر منتجات الغابات على نشاطها الاقتصادي، وفيها أكبر معامل قطع ونشر الأخشاب في الاتحاد السوفيتي، إلى جانب ترسانة متوسطة لبناء السفن ومعامل متوسطة في تعليب وإعداد الأسماك، ولقد قلت قيمة البحر الأبيض في صيد الأسماك بعد أن تطورت سفن الصيد إلى السفن الحديثة التي تجوب أعالي البحار، وأصبحت مورمانسك الميناء الأول في مضمار السماكة، وقد نمت في المدينة أيضا بعض معامل النسيج، وخاصة نسيج الأكياس المصنوعة من الجوت، وبعض الصناعات الهندسية، وبالرغم من تجمد مياه البحر الأبيض شتاء إلا أن محطمات الجليد تفتح طريقا مستمرا إلى أركانجل وميناء سفيرودفنسك - على الساحل الجنوبي للبحر الأبيض - خلال الشتاء.
مورمانسك
أكبر مدينة تقع شمال الدائرة القطبية في العالم، وتتمتع مورمانسك بميناء مفتوح طوال السنة على عكس أركانجلسك، وتقع المدينة على رأس فيورد صخري عميق يمتد 65 كيلومترا إلى الداخل، لكن ظروف التندرا المحيطة بالمنطقة وصعوبة الاتصال بالجنوب جعلت أهمية مورمانسك تتأخر كثيرا، وظهورها كمدينة وميناء هام يعود إلى اتصالها بالسكة الحديدية القادمة من لننجراد والتي بدأ العمل فيها عام 1916.
ولقد نمت المدينة بسرعة كبيرة في خلال فترة ما بين الحربين العالميتين، وظهرت أهميتها كمركز رئيسي لأسطول صيد متزايد، وكميناء لبداية خط الملاحة الشمالي، كما كان للمعادن العديدة التي وجدت بالقرب منها أثر كبير على النمو، وفي المجموع تزايد سكان المدينة من لا شيء في أوائل العشرينيات إلى 120 ألفا سنة 1939، حتى تضاعف العدد أكثر من مرتين في 1964.
صفحة غير معروفة