غير الرب؟!
صديقي الصغير كان يناومهن تحت الكوبري المظلم خلف نادي التعليم، أو ما بين محطة القطار والورشة عند الجنينة المظلمة المفترشة بالزيت الفاسد والجازولين، «يفترش الكرتون وجوالات الخيش الفارغة»، أما أنا فكنت أفكر فيهن كما يلي:
أختي «علوية» لها جلباب واحد من التيل المورد الرخيص اشتراه أبي لها، حينما أنجز حجرة نوم «أسامة» ابن المليونير «عبد الغني»، ذلك في عيد الأضحى قبل وفاته بعام واحد.
أختي «علوية» لها من العمر ثلاث عشرة سنة، امتلأ صدرها في ثورة أنثوية، استدارت أطرافها، نعم صوتها حتى أصبح مثل صوت خالتي «آمنة».
أختي «علوية» جاعت مثلي، بل أكثر؛ لأن بطنها الصغير كان لا يختزن غير قليل من السمك الجاف والفاصوليا؛ لذا فهي دائمة الشكوى من ألم الجوع.
أختي علوية تعرف تماما أنها تمتلك ما لا أمتلكه، ولو أنها تخاف من نار يوم القيامة ... إلا أنها تحب الحياة، لا تتعجل الذهاب إلى الآخرة، فكيف تقهر جوعها المميت حتما؟!
لم تعطها الحياة شيئا، وكأن لها معنا ثارات الحسين بن علي - رضي الله عنهما.
رماد
أطفأ النادل فوانيسه.
أو غنى بصوت قلق باهت، تثاءب.
صفحة غير معروفة