ولكن أرقم لم يكن وقتئذ في حالة من الوعي بحيث يرى هذه الأصابع مشيرة، أو يسمع هذه الأصوات هاتفه، بل كان في سبحة من سبحاته الخيالية البعيدة تكاد تتراءى في عينيه بعض صورها.
وانتهى الجيش إلى دمشق ، فانضم إليه سيباي أمير الشام بجيش من جنده، وانضم إليه جان بردي الغزالي أمير حماة.
واستأنف الجيش سيره حتى بلغ حلب.
وتلبث السلطان قليلا حتى تأتيه الأنباء.
وجاءه سفير من قبل السلطان سليم ابن عثمان، يستهديه بعض طرائف مصر ويسأله شيئا من السكر والحلوى! فاطمأنت نفس الغوري وثاب إليه الهدوء، وبعث مع السفير بما طلب ... وأرسل وراءه سفيره مغل باي يقتص الخبر.
قال خاير بك أمير حلب: يا مولاي، إن ابن عثمان ليضمر لك المودة ويحفظ لك الأبوة، وإني لكفء للدفاع إذا آثر مولاي أن يعود إلى حاضرته آمنا موفورا ويدع لي حماية الحدود!
قال جان بردي الغزالي: وعبدك جان بردي يا مولاي من وراء الأمير خاير بك يمده بما يحتاج إليه من الجند والعتاد، وما أراه في قتال الروم بحاجة إلى مدد من الجند أو العتاد!
وصرت أسنان سيباي ولم ينطق، فمال إليه السلطان يسأله: وماذا ترى أنت يا أمير سيباي؟
قال سيباي وفي وجهه أمارات الجد: فيأذن لي مولاي في خلوة لأتحدث إليه فلا أغشه!
فأنغض السلطان رأسه ولم يجب ...
صفحة غير معروفة