ويروى أن المأمون أتي بمرتد عن الإسلام إلى النصرانية فقال له: أخبرنا عن الشيء الذي أوحشك عن ديننا بعد أنسك واستيحاشك مما كنت عليه، فإن وجدت عندنا دواء دائك تعالجت به، وإن أخطأك الشفاء، ونبا بك عن دائك الدواء كنت قد أعذرت، ولم ترجع على نفسك بلائمة. فإن قتلناك قتلناك بحكم الشريعة، وترجع أنت في نفسك إلى الاستبصار والثقة، وتعلم أنك لم تقصر في اجتهادك، ولم تفرط في الدخول في باب الحزم.
قال المرتد: أوحشني ما رأيت من كثرة الاختلاف فيكم. قال المأمون: لنا اختلافان: أحدهما كالاختلاف في الأذان والإقامة وتكبير الجنائز والتشهد وصلاة الأعياد وتكبير التشريق ووجوه القراءات ووجوه الفتيا، وهذا ليس باختلاف، إنما هو تخيير وسعة وتخفيف من المحنة. فمن أذن مثنى وأقام مثنى لم يخطئ، ومن أذن مثنى وأقام فرادى لم يخطئ. ولا يتعايرون ولا يتعاتبون بذلك.
صفحة ٩٣