343

العفو والاعتذار

تصانيف

فمضى زياد -وكان ضخما- على ضخم حتى صار بين الصفين فقال: أين أبو البختري إسماعيل بن طلحة؟ فخرج إليه فقال: إني أريد أن أذكر لك شيئا. فدنا حتى اختلفت أعناق دوابهما. وكان الناس ينتطقون بالحواشي المحشوة، فوضع زياد يده في منطقة إسماعيل ثم اقتلعه عن سرجه وكان نحيفا، فقال: أنشدك الله يا أبا المغيرة! فإن هذا ليس بالوفاء لمصعب. فقال: هذا والله أحب إلي لك من أن أراك غدا مقتولا.

حدثنا الغلابي قال: حدثنا محمد بن عبيد الله الجشمي قال: حدثني علي بن محمد عن مسلمة بن محارب وأبي إسحاق المالكي قال: أصاب النعمان بن المنذر أسارى من بني تميم، فركب إليه وفودهم وفيهم أكثم بن صيفي حتى انتهوا إلى النجف فلما علوه أناخ بن صيفي بعيره، ثم خلع قميصه وقال لأصحابه: كيف رأيتم؟ قالوا: رأينا ما ساءنا. قال: فإن قلبي بضعة من جسدي، وما أظنه إلا قد نحل كما نحل سائر جسدي! فلا تتكلن علي في حيلة ولا في منطق. فأقاموا بالحيرة نصف حول. فلما أن قضى القوم حوائجهم/ ولم يبق إلا اليسير قام أكثم فأخذ بحلقة الباب فنادى:

صفحة ٣٨٦